منهما خمسمائةٍ، ثم يقول للغاصب: قد سلمتُ إلى المجني عليه في يدك خمسمائة، فاغرمها لي فيغرم له خمسمائة، فإذا أخذها سلمها بكمالها إلى المجني عليه الأوّل، لا يساهم فيها المجني عليه الثاني، وقد انقطعت الطَّلِبَات، فلا طَلِبة للمجني عليه الثاني على أحد، ولا طَلِبة للسيد على الغاصب في هذه الكرّة؛ فإنه سلم هذه الخمسمائة الأخيرة إلى جهة الجناية الأولى، وقد اتفقت تلك الجناية في يده.

هذا ما صار إليه الأصحاب.

فإن قيل: لم خصَّصتم بالخمسمائة الثانية المجني عليه الأوّل، وقسمتم الألفَ الأولَ عليهما؟ وقد أجمع العلماء على أن [الألف] (?) الأوّل مقسومٌ على [الجنايتين] (?): لا يختص الأول منهما بشيء دون الثاني، فهلا قسمتم الخمسمائة الثانية بينهما، كما قسمتم الألفَ؟

قلنا: لا سبيل إلى ذلك: أمّا الألف، فمقسومٌ بينهما؛ فإنه قيمةُ العبد، ولا فرق في القيمة بين المجني عليه الأوّل، وبين المجني عليهِ الثاني؛ فإن التقدم والتأخر لا يوجب تقديماً ولا تأخيراً في الازدحام على القيمة. وإنما اختص المجني عليه أولاً بالخمسمائة الثانية؛ لأن سببَ وجوب هذه الخمسمائة الغصبُ، وهو متقدم على الجناية الثانية، متأخرٌ عن الأولى. فإذا كان سببُ ضمان الخمسمائة بعد بذل القيمة الغصبَ المتقدّم على الجناية الثانية، كان ذلك بمثابة ما لو جنى عبدٌ قيمته ألفٌ جنايةً أرشُها ألفٌ، ثم قطعت يد العبد، ووجب أرشها، ثم جنى العبد، بعد ما قطعت يدُه جنايةً أخرى، أرشها ألف، فيتخصص المجني عليه الأوّل بأرش اليد التي قُطعت من العبد الجاني، فجعل الأصحاب تقدم الغصب على الجناية الثانية، بمثابة تقدم قطع اليد على الجناية الثانية.

هذا ما ذكره الأئمة.

4604 - ونحن نوجّه عليه سؤالاً ونجيب عنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015