إنما وجبت على الغاصب لمكان الجناية الثانية، الجارية في يد الغاصب، فاكتفيا بالألف، ولتسلم الخمسمائة للمالك.
وهذا له اتجاه من طريق الاحتمال من غير نقل.
والذي نقله الشيخ (?) عن وفاق الأصحاب ما قدمناه. ثم ذكر الشيخ وجهاً آخر هو في التحقيق عَضُدُ (?) المسلك الأول، على مبالغة، وذلك أنه قال: من أصحابنا من ذهب إلى أن الألف الذي يأخذه أول مرة يصرفه بكماله إلى المجني عليه الأول، لا مساهمةَ فيه للمجني عليه الثاني، ولا طلبة للمجني عليه الثاني على السيد، ولكنه يطالِب الغاصبَ بخمسمائة؛ تحقيقاً لما ذكرناه من أن الغاصب ضمن قيمة العبد بكمالها للمجني عليه الأول.
وهذا بعيد جداً. وقال الشيخ في إتمام حكاية هذا الوجه: لو جرت الجنايتان على الترتيب الذي ذكرناه، ولم يمت العبد، واسترده المالك، وباعه بألفٍ، صرف الألف إلى المجني عليه الأوّل، ولا تعلق للثاني إلا بالغاصب. وهذا لا يُشك في بطلانه؛ فإن رقبة العبد متعلَّقُ الجنايتين، فكيف يخص بثمنه الأولَ. هذا منتهى الكلام.
4605 - صورة أخرى: لو جنى العبدُ في يد الغاصب أولاً، وما كان جنى قبل ذلك، والأرش ألفٌ، فاسترده السيد، وجنى ثانياً جناية أرشها ألف. قال الشيخ: يباع العبد بألفٍ، ويدفع إلى الذي جنى عليه في يد الغاصب خمسمائة، وإلى الثاني الذي جنى عليه في يد السيد بعد الاسترداد خمسمائة. ثم يرجع المالك بخمسمائةٍ على الغاصب؛ فإنه غرِمها بسبب الجناية التي صدرت في يده، ثم يسلم هذه الخمسمائة إلى المجني عليه في يد الغاصب؛ فإنه السابق في هذه الصُورة بالاستحقاق، ثم يقول للغاصب: قد أُخذت مني الخمسمائة الثانية بسبب الجناية التي حصلت في يدك، فيغرِّمه خمسمائة أخرى، ويستبد بهذه الخمسمائة، ولا طَلِبة عليه فيها. هذا ما حكاه.