والثاني - يظهر في الرديف، فإن الدابة في يد مالكها، فإن نَفَقَتْ، أضيف تلفُها إلى يده، ولا تعويل على تأثير الرديف في الإهلاك، فإنَّ ضمان العواري لا يأتي من هذه الجهة، ولهذا لا يضمن المستعيرُ ما يُبليه من الثوب المستعار، على حسب الإذن، وسنقرر هذا متصلاً بما نحن فيه.
4499 - واختلف أئمتنا في إعارة الدراهم والدنانير وإجارتهما: فذهب بعضهم إلى تصحيح إجارتهما وإعارتهما، وفصل آخرون، فمنعوا الإجارة، وصححوا الإعارة.
ومنشأ الخلاف يدور على ضعف منفعتها، فإن غاية المطلوب منها التزين والتجمل.
ومن يفصل بين الإجارة والإعارة يرى الإعارة مكتفية بأدنى منفعة، وليست إعارتها قرضاً عندنا خلافاًً لأبي حنيفة (?)، فإن صححنا إعارتها، فهي مضمونة على المستعير. فإن قلنا: لا تصح إعارتُها، فهل يضمنها المستعير؟ فعلى وجهين: أحدهما - يضمنها، لأنها عارية فاسدة، وما اقتضى صحيحه الضمانَ، اقتضى فاسدُه الضّمانَ.
والوجه الثاني - وهو الأفقه، أن الضمان لا يجب؛ لأن العارية فسدت أو صحت تَعتمد منفعةً معتبرةً، فإن لم تكن، فلا عارية، فهذا من انعدام العارية، لا من فسادها.
ومن أقبض الغير مال نفسه لا لمنفعةٍ، كان أمانةً. وما ذكرناه في الدراهم يجري في استعارة الحنطة والشعير، وما في معناهما.
4500 - ثم تردد الأئمةُ في ضمان الأجزاء التي تتلف باستعمال المستعار، على حسب إذن المالك. فالذي ذهب إليه المحققون القطعُ بأنّها لا تُضمن، من قِبل أنها تتلف بإتلاف المستعير، وإتلافهُ مأذون فيه من قِبل المالك. ولو قال المغصوب منه للغاصب: أحرق هذا الثوبَ الذي غصبته مني، فأحرقه، لم يضمن، وإن كانت يده يدَ ضمانٍ. هذا إذا [انسحقت] (?) أجزاء من الثوب وغيرِه، على حسب الإذن بسبب