4498 - وأرسل الأصحاب مسائل في ضمان العواري نفياً وإثباتاً ونحن نرسلها كذلك.

فإذا قال: أعرتك حماري لتعيرني حمارك، كان إجارةً فاسدة؛ لاشتمال ما جرى على ذكر العوض، ولا ضمان في الإجارة الفاسدة.

ولو قال: أعرتك ثوبي هذا على أن تضمن لي عشرةً، إذا تلف في يدك، وكانت قيمته خمسة، فالخمسة الزائدة تشبه أن تكون عوضاًً، فلحق [ما] (?) ذكرناه بالإجارة الفاسدة. ويشبه أن يكون عاريَّةً مشتملة على شرط فاسدٍ، فذكر القاضي وجهين في المسألة، وهي محتملة جدّاً. ثم قال: أصل هذا أنه (?) إذا قال: وهبت منك هذا العبد بألفٍ، أنجعل ذلك بيعاً محضاً؟ أو هو على قضايا الهبات. وفيه قولان.

وهذه المسائل يجمعها أنا نعتبر اللفظ تارة في أمثال هذه المسائل، فعلى هذا اللفظُ للإعارة. وقد نعتبر المعنى دون اللفظ؛ فالمذكور من الزيادة عوضٌ.

ولو أشخص رجلٌ رجلاً إلى موضعٍ، لغرض المُشخِص، وأركبه دابةً، فليس ذلك عاريةً؛ فإن غرض المشخِص هو المعتبر، والعارية عينٌ يأخذها المستعير لمنفعة نفسه، لينتفع بها، ويردّها.

ولو جمحت دابة على مالكها، فأركبها إنساناً ليسيرها، ويحفظها، فلا ضمان، لما ذكرناه، وإن انتفع الراكب.

ولو وجد المسافر من قد أعيا وأعجزه الكلال، فأركبه دابةً من غير التماسه، فتَلِفت تحته، ضمنها؛ فإن ذلك عارية. ولو أردفه مركبه الذي هو راكبه، فتَلِف المركب تحتهما، ضمن الرديف نصف قيمة الدابة، لما ذكرناه.

وفي المسألتين عندنا نظر. من وجهين: أحدهما - أنه يقع في قبيل العواري ما يضاهي الصدقات بالإضافة إلى الهبات، والصدقاتُ ليست على حكم الهبات؛ فإن من تصدق لم يرجع في صدقته، والواهب قد يرجع في هبته، فلا يمتنع أن لا يضمن من تبرع المعير عليه محتسباً أجراً، وحائزاً ثواباً. هذا وجه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015