الاستعمال، فأما إذا امّحق الثوبُ بالاستعمالِ، فقد ذكر القاضي وجهين حينئذ:
أحدهما - أنه لا يجب الضّمان، وهو الأصح؛ لما قدمناه من ترتب الإتلاف على إذن المالك.
ومن أصحابنا من قال: يجب الضمان؛ فإن حقَّ العارية أن تُردّ، فإذا فات ردُّها، وجب الضمان. وكل مَرْفِقٍ فيها مشروط بالردّ. وهذا لا حاصل له.
ثم إن لم نوجب الضمان، فلا كلام، وإن أوجبناه، اندرج جميعُ الأجزاء تحت الضّمان؛ إذ لا ضبط، ولا موقف على وسط. وقد ذكر كثير من أئمتنا وجهين في ضمان الأجزاء وإن لم تتلف [العين] (?) مصيراً إلى أن العارية مؤدّاة. وإذا تلف بعضُها، فقد فات الرد فيما تلف، والإذنُ في اللُّبس إذن على التزام الرد في الجزء والكل.
وكل هذا خبْط، والأصح نفي الضمان، من غير تفصيل.
4501 - ولو استعار دابةً ليركبها، فتلفت تحته، أو عابت بسبب الركوب مع اقتصاده، والدواب تهلك إذا حملت أثقالها، فإن هلكت بهذا السَّبب، كان هلاكُها بمثابة امّحاق الثوب، وإن عابت بهذا السبب، كان ذلك بمثابة انسحاق الثوب بالبلى، مع بقاء ما يُردّ منه. وإن تلفت الدابة أو عابت بآفةٍ سماويّةٍ، وجب الضمان حينئذٍ.
ولو استعار حماراً ليركبه إلى مكان، ويرجع، فإذا جاوز ذلك المكانَ، فهو غاصبٌ من وقت المجاوزة. ومن حكم الغاصب أن يضمن أجرةَ المثل. هذا سبيله من وقت مجاوزته. فإذا أقبل راجعاً، فهل يضمن أُجرة المثل لمدة الرجوع، أم نقول: يضمن أجرتها إلى أن يردها إلى المكان المعين؟ وهل يضمن أُجرتها من ذلك المكان، إلى أن يردها إلى مالكها؟ فعلى وجهين ذكرهما القاضي. والاحتمالُ فيهما بيّن. وقد بناهما على أصلٍ في القَسْم بين النساء، فقال: إذا سافر بإحدى نسائه بالقرعة، فلا يقضي إذا عاد للواتي خلفهن أيام السَّفر، وإن انفرد بالتي سافر بها. فلو نوى الإقامة في موضعٍ، وقضى به أياماً ثم انتقض عزمه، وبدا له أن يعود. أما أيامُ