هذا في موضعه من الكتاب، إن شاء الله عز وجل.
هذا إذا صدقه المرتهن.
فإن كذبه المرتهن، وقال: ليس الولدُ منك، فإن كانت للراهن بينة أقامها، أو أقامتها الجارية، والشهادة على جريان الوطء من الراهن قبل العقد، أو بعد الرهن قبل الإقباض. والحكم ما قلناه في المسألة الأولى.
فإن قيل: يحتمل أن يثبت الوطء، ولا يثبت العلوق. قلنا: نعم، هو كذلك.
ولكن العلوق عيبٌ، ولا شيء يدار الإقرارُ والإنكار عليه إلا الوطء، ولهذا قلنا: إن السيد إذا اعترف بوطء مملوكته وأتت بولدٍ لزمانٍ يمكن أن يكون من الوطء، فالنسب لاحق على تفصيل يأتي في موضعه، إن شاء الله تعالى، وهذا يعتضد باستلحاقه النسبَ، فصار مجموع هذا مثبتاً للاستيلاد.
وإن كذبه المرتهن، ولا بينة، فنقول: أما نسبُ المولود، فثبت لاستلحاق الراهن، وتثبت حريةُ الولد. وأما الاستيلاد، فهل يحكم به حتى يبتني عليه تبين بطلان الرهن؛ فعلى ثلاثة أوجه: أحدها - لا يحكم به؛ لأنه أثبت للمرتهن حقاً، ثم ادعى ما يتضمن بطلانَه، فلا يقبل.
والوجه الثاني - أنه مقبول؛ من جهة انتفاء التهمة؛ إذ إقراره لو ثبت، فمتضمنه زوال الرق، وقد يقبل الإقرار في محل حق الغير، لانتفاء التهمة، وعليه بنينا قبول إقرار العبد بما يوجب سفك دمه، أو بما يوجب عقوبةً عليه.
والوجه الثالث - أنا نفصّل بين أن تأتي بالولد لستة أشهرٍ، فما دونها من وقت الإقباض، وبين أن تأتي بالولد لأكثر من ستة أشهر؛ فإن الأمر إذا كان كذلك، اتسع مسلك الإمكان، ولم يبعد أن يُفرض العلوقُ بعد تمام الرهن. وتحقيق الفرق أنا إذا أثبتنا العلوق حالة القبض، فإقرار الراهن يرد على غير محل الرهن، ولو كان موجوداً حالة القبض، فيقع ثبوت الاستيلاد تابعاً.
وهذا يلتفت إلى أصل سيأتي بعد هذا. وهو أن من رهن عبداً أو باعه، ثم زعم بعد ظهور اللزوم، أنه كان أعتقه، أو كان باعه. وهذا سيأتي في مسائل الرهن، إن شاء الله تعالى.