فإن قيل: إن قبلتم إقراره، فلا سؤال. وإن لم تقبلوه، فهلا خرَّجتم هذا على الأقوال في أنه لو أنشأ الاستيلاد هل يثبت؛ حتى تقولوا: إن نفذنا منه الاستيلاد ابتداء، ينفذ إقراره، وإن لم ينفذ منه الاستيلاد ابتداء، فلا يقبل إقراره، تخريجاً على تنزيل الإقرار بالشيء منزلة إنشائه؛ فإن الوكيل بالبيع لو أقر بالبيع، نفذ إقراره كما ينفذ إنشاؤه البيع. ولو أظهر الموكِّل عزله، ثم ادعى الوكيلُ البيعَ، لم ينفذ قوله. وهذا يطرد لنا وينعكس.
قلنا: هذا جارٍ في التصرفاتِ التي يسلِّط الشرعُ على الإقدام عليها، فيجعل الإخبارَ عن الشيء بمثابة إنشائه، إذا كان إنشاؤه مملوكاً للمقر. والراهن على كل مذهب ممنوعٌ من الإقدام على استيلاد الجارية المرهونة. وهذا مما اختلف أصحابنا فيه، وتخريجه على أصلٍ سيأتي في كتابِ الحجر.
وهو أن المبذر لو أقر بالطلاق، نَفَذَ، اعتباراً بأنشائه، ولو أقر أنه أتلف مالاً، ففي قبول إقراره خلاف؛ فإن الإتلاف ليس ما يملكه شرعاً، ولكن يتصور وقوعه منه، وهل يقبل إخباره فيه؟ فعلى وجهين.
كذلك قلنا: لو وقع استيلاد الراهن، لنفذ، فإذا اعترف به، ففي نفوذه الخلاف الذي أشرنا إليه.
فصل
3571 - كل تصرف يمتنع نفوذُه لحق المرتهن، فإذا أذن فيه، نفذ؛ فإن المانع حقُّه. وإذا أذن للرّاهن في بيع المرهون، أو في هبته، فباع أو وهب، نفذ. وإذا فرعنا على أن العتق لا ينفذ من الراهن، فإذا أذن فيه المرتهن، نفذ. وسنذكر أن الراهن لا يجوز له أن يطأ الجارية المرهونة إذا كانت بصدد أن تحبل، وفي التي لا تحبل كلام سيأتي، إن شاء الله تعالى.
وإذا أذن في الوطء، فوطىء الراهن بالإذن وترتب عليه العلوق، ثبت الاستيلاد، وإن وقع التفريع على أن الاستيلاد لا ينفذ لو انفرد الراهن.