ولو قال في سفهه: إذا ظهر رشدي، فعبدي هذا حر، لم ينفذ عتقه إذا آنس رشدَه. وأما استيلاده، فنافذ في الحالِ؛ فإنه يجري على مذهب الاستهلاك، وهذا واضح.
وقد نجز غرضنا من تفصيل القول في إعتاق الراهن واستيلاده وما يتعلق بأطراف الكلام في ذلك.
3570 - ثم قال الشافعي في أثناء الكلام تفريعاً على ثبوت الاستيلاد: " وتعتِق بموت السيد في قول من يعتقها " (?).
وهذا ترديدُ قولٍ منه في بيع أمهات الأولاد. وهذا القول مشهور في القديم، وترديده القولَ فيما نقله المزني غريب. والاستيلاد على قوله القديم لا أثر له، وهو من ضروب الاستخدام، فكأن السيد إذا أودعها ماءه، ثم انفصل، فبقيت على رقها كالظرف يحتوي على شيء ثم يفرغ منه. وعلى هذا لا تعتق مستولدة، ولا يمتنع بيعُها. وهذا قولٌ لا عمل به، ولا فتوى. وقد كان فيه اختلاف في الصدر الأول، ثم أطبق العلماء بعدهم على المنع، فالتحق هذا بإجماع بعد خلاف. وهذا مستقصى في فن الأصول.
فإذا مهدنا هذا الأصل الكبير، فقد حان أن نرجع إلى صدر الفصل، فنقول:
إذا رهن الرجل جارية، فظهر بها حمل، وقال الراهن: هذا الولد مني، وقد كانت علقت به ولم أشعر، فرهنتها: فإن صدقه المرتهن، فلا كلام، فيثبت النسب والولد حرٌّ، لا ولاء عليه، والجارية أم ولد، والرهن باطل، وليس على الراهن قيمةٌ توضع رهناً؛ من قِبل أنه لم يجن (?) على رهنٍ لازم، بل تبيّنا أن لا رهن.
نعم لو كان هذا الرهن مشروطاً في بيعٍ، وقد تبين امتناعهم (?) بالسبب الذي ظهر، فيثبت الخيار للبائع؛ من قِبل تعذر الوفاء بالشرط المذكور في العقد. وسيأتي