3568 - [وإذا] (?) أعتق الراهنُ العبدَ المرهون، ورددنا عتقه، ثم انفك الرهن، فقد أشرنا إلى خلافٍ في ذلك. والسبب فيه استمرار الملك، وزوالُ الحجر. وهذا يقرب من اختلاف القول في أن المحجور عليه بالفلس إذا أعتق عبداً من جملة مالِه، فرددنا عتقه، ثم انفك الحجر عنه، ولم يتَّفق بيعُ ذلك العبدِ في ديونه، ففي نفوذ العتق عند إطلاق الحجر قولان، سيأتي ذكرهما في كتاب التفليس، إن شاء الله تعالى، ووجه التشبيه بيّن.
ولا خلاف أن العتق لا ينفذ في اطراد الحجر عليه؛ فإن فائدة الحجر منعُه من التصرف في ماله. وتفاصيل ذلك يأتي في موضعه. والراهن مطلقٌ، وقد أبقى ملكَ نفسه في الرقبة، فظن ظانون أنه مطلق صادف عتقُه ملكَه، وسرى إلى حق غيره.
ثم سنذكر في بيع المفلس مالَه -إذا انفك الحجر عنه، ولم يتفق صرفُ مبيعه في دينه- قولين.
3569 - وأطلق الأصحاب القول بأن بيع الراهن في المرهون مردود، ولم يقفوه على انفكاك الحجر، ولا فرق عندي بين البابين، ولا محمل لتصحيح بيع المفلس مالَه على قولٍ إلا الحملُ على الوقف، ومحمل القولين لا يمتنع جريانه في الرهن.
وبالجملة لا فرق بين البابين إلا أن أحد الحجرين جرى من غير اختيار المحجور عليه في جميع ماله، والحجر الذي نحن فيه وهو الرهن جرى في مالٍ خاص باختيار مالكه، فالوجه التسويةُ بين البابين، وتنزيلُ البيع والعتقِ على ترتيب واحد، فالعتق أولى بالنفوذ، والبيع أبعدُ منه. وهذا فنّ من الوقف زائد على الأصناف التي ذكرناها في كتاب البيع، وتقريرُه في كتاب الحجر.
والفارق بين البيع والعتق أن تنفيذ التصرف بطريق الوقف ملتفت إلى مذهب التعليق، فكأن المفلس قال: إذا انفك الحجر، فهذا العبد حر، وهذا يتطرق إلى العتق، ويبعد عن البيع، والمحجور المبذّر عتقه مردودٌ في الحال، وإذا انفك الحجر عنه، وظهر الرشد، لم ينفذ من العتق ما رددناه.