يجوز الرهن بها؛ فإنها لم تتأكد باللزوم، ولا يتصور أن تنتهي إليه في نفسه. فالتوثيق به لا معنى له. فان قيل: إذا أدى المكاتب النجم، فقد انتهى إلى التأكد. قلنا: نعم هو كذلك، ولا حاجة بعده إلى التوثيق.
والقسم الثالث - دين لا يتصف باللزوم في نفسه، ولكنه يفضي إلى اللزوم.
وهذا ينقسم قسمين: منه ما أصله اللزوم، والجواز دخيل فيه مرفق. ومنه ما أصله الجواز، ولكنه يفضي إلى اللزوم.
أما القسم الأول، فهو كالثمن في زمان الخيار، [فالرهن به جائز. وهذا يتطرق إليه خلافٌ، لا محالة، متلقى من اختلاف القول في أن البيع في زمان الخيار] (?) هل يتضمن نقل الملك في المبيع إلى المشتري، وفي الثمن إلى البائع؟ فإن حكمنا بأنه يقتضي النقلَ، فعليه قطع الأصحاب بصحة الرهن. وإن قلنا: إنه لا يقتضي النقلَ أصلاً، فالظاهر منعُ [الرهن] (?)؛ إذ لا دين، فيقع الرهن لو وقع قبل ثبوت الدين.
هذا قسم من قسمين انقسم إليهما القسم الثالث.
والقسم الثاني - الجُعْل في الجعالة (?)، فمبناه في وضع العقد على الجواز، ولكنه ينتهي إلى اللزوم عند تمام العمل، ففي جواز الرهن به وجهان: أحدهما - أنه جائز كالثمن في زمان الخيار. والثاني - لا يجوز؛ فإنه قبل اللزوم بعيد عن التوثيق؛ إذ لا يتصور من المتعاقدين في الجعالة أن يلزما الجُعل باختيارهما قبل العمل. ويتصور من المتبايعين إلزام الثمن باختيارهما.
ومن قال بالوجه الأول، انفصل عن هذا، وقال: لو كان ثبوت الرهن مأخوذاً من اختيار اللزوم، لكان الرهن بالثمن في زمان الخيار متضمناً إلزامَ العقد. وليس كذلك.
3519 - وكل ما جاز الرهن به صح ضمانه، وكل ما صح ضمانه جاز الرهن به، إلا العهدة فإن ضمانها جائز على ظاهر المذهب -وهو ضمان الدَّرَك- ولا يجوز الرهن