بعهدة المبيع. والفارق بينهما أن ضمان العهدة إنما جاز مصلحة في العقد، إذ قد لا يثق المشتري بغريب يبايعه، فينكف عن معاملته. ويلتحق بهذا السبب ضرار بالجانبين، فسوغ الشرع التوثيقَ بالضمان. ثم لا ضرر في ذلك الضمان؛ فإن الضامن لا طَلِبة عليه قبل بدوّ الاستحقاق. وإن جوزنا الرهن بالعهدة، لكان ذلك التزام حجرٍ (?) في المرهون لا نهاية له، وهو تنجيز ضرار لا نهاية له على مقابلة توقع ضرار.
وحكى شيخي عن شيخه القفال وجهاًً في جواز الرهن بالعهدة. والسبب فيه أن الثقة قد لا تحصل إلا به، والرهن منصوص عليهِ في آية المداينات في طلب الوثائق دون الضمان، وما قدر من الضرار غيرُ سديد؛ فإنه إنما يعظم وقع الضرار لما يلزم من غير اختيار، وكلامنا هذا في جواز الرهن إذا وقع الرضاً به، لا في وجوبه.
قال: " وكذلك كل حق لزم في حين الرهن وما تقدم الرهن ... إلى آخره " (?).
3520 - أشار الشافعي إلى أن الآية في دين مخصوص، ثم بين أن ما سواه من الديون اللازمة في معناه.
فنقول: إذا وجب الدين وأنشىء الرهنُ بعده، فهذا رهنٌ لا كلام فيه. ولو قدم الرهن بشقيه على وجوب الدين، لم يصح عند الشافعي.
فلو قال: رهنتك هذه العين بألف تقرضنيه، فقال المخاطب: ارتهنتُ، ولا إقراض بعدُ (?)؛ فهذا مردود، وإن جرى القرضُ بعد ذلك؛ فإن الرهن توثيق الدين، ولا يعقل التوثيق قبل الدين، إلا على مذهب التعليق، وتعليق الرهن باطل.
والقول في الضمان قبل الوجوب كالقول في الرهن. ثم في المذهب تفصيل طويل