إن الأمة تشهد الآن صحوة إسلامية واعدة، وعلماء الفقه أعجز من أن يقودوها وحدهم، بل ليس من الصواب أن يقودوها وحدهم، إن عالم القانوني المدني والجنائي والدستوري، وعالم الاقتصاد، وعالم البيئة وعالم التربية كل هؤلاء -وغيرهم- الآن يحاولون بَجدْع الأنف استمداد معارفهم من تراثنا الفقهي بدلاً من استمداده من مصادر الغرب، ونظرياته، ولكن يحول بينهم صعوبة، بل تعذر الوصول إلى ما يريدونه من كتبٍ هي في حدِّ ذاته صعبة المراس حتى على أصحابها الذين يعيشون في ظلها طوال أعمارهم.

ولا منجى من هذا الانفصام النكد بين الفقه الإسلامي وأصحاب العلوم الأخرى إلا بالفهرسة الواعية والتكشيف الكامل لأمهات كتب الفقه.

فإذا تم ذلك نكون قد جَسَرْنا الفجوة -التي صُنعت بنا أو لنا- بين علماء الأمة، فجعلت هؤلاء علماء (دين) لا يعرفون من علوم الدنيا شيئاً، وهؤلاء علماء يعرفون الدنيا ولا يعرفون من أمر الدين شيئاً.

إذا تم ما ندعو إليه يعود لنا الطبيب الفقيه كابن رشد، ونعود نرى ما نقرؤه في ترجمة أئمتنا حين يعددون العلوم التي أحاط بها المترجَم، ثم يقولون: وعلمه الذي عُرف به كذا، وتعود كل العلوم والمعارف إسلامية كما كانت.

ويتكرر ما رأيناه من براعة إمام الحرمين في الجبر والمقابلة، وما حكاه في النهاية عن الإمام أبي منصور البغدادي، والإمام عبد الرحيم أبي نصر القشيري.

وإلى الله الملجأ ومنه العون.

...

بقي أمر آخر لا بد من الإشارة إليه، وهو أننا بذلنا جهداً ووقتاً في تقسيم الكتاب كله إلى فقرات مرقمة على نية أن تبنى فهارسه على الأرقام، لا على الصفحات، لما لذلك من توفير للجهد عند إعادة الطبعات، ولما ييسّره للباحثين عند مراجعة بحثٍ ما مع اختلاف الطبعات، وهذا ما جرينا عليه في الكتب التي أخرجناها لإمام الحرمين: (البرهان) و (الغياثي) و (الدرة المضية).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015