إحباطهما، فاستعملنا البينتين في إزالة يد المدعى عليه، وعسُر إمضاؤهما على التفصيل بين المتداعيين، فأورثا إشكالاً بينهما، واقتضى ذلك التوقف إلى الاصطلاح.

وقد انتهى ما أردناه في تمهيد أصول الكتاب، ونعود بعده إلى ترتيب المسائل.

فصل

قال: " وسواء أقام أحدهما شاهداً وامرأتين والآخر عشرة ... إلى آخره " (?).

11230 - إذا أقام أحد الخصمين شاهدين، وأقام الآخر رجلاً وامرأتين، لم تترجح إحدى البينتين على الأخرى باتفاق الأصحاب.

فإن أقام أحدهما شاهدين، أو شاهداً وامرأتين، وأقام الآخر شاهداً وأراد أن يحلف معه؛ ففي المسألة قولان: أحدهما - أنا نرجح البيّنة التامة على الشاهد واليمين. وهذا هو الأصح؛ فإن الشاهدين إذا شهدا، كانت شهادتهما حجة مستقلةً، غيرَ آتية من قبل المدعي، ومن أراد أن يحلف مع شاهده، فحجته تتم بقولٍ من جهته.

والقول الثاني - أن البينتين تتساويان، لأن كل واحدة بينةٌ، لو انفردت، لوقع القضاء بها.

ولو أقام أحد الخصمين شاهدين، وأقام الثاني عشرة من الشهود، أو ثلاثة، فالمنصوص عليه في الجديد أنا لا نرجح بينة على بينة بعدد الشهود، وللشافعي قول في القديم أنا نرجح إحدى البينتين بمزيد العدد على الأخرى، وهذا ليس يبعد توجيهه، أما وجه القول الجديد، فهو أن كل بينة كاملةٍ مستقلة، والزيادة لا حاجة إليها، فوجودها وعدمُها بمنزلة. وهذا منطبق على قواعد الفقه.

ووجه القول القديم أن الأصل الذي عليه التعويل الثقة. كما يعتبر ذلك في الروايات، ثم الترجيح يقع بكثرة الرواة في الرأي الظاهر؛ فليقع الترجيح بها في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015