كان المتنازَع نكاحاً في امرأة تنازعها رجلان، فلا شك أن قول القسمة لا يجري به.
قالوا: كذلك لا يجري قول الوقف؛ فإن الاصطلاح في النكاح غيرُ (?) ممكن، ولا معنى لحبس المرأة أبداً، وأما القرعة: فقد تردد فيها الأصحاب: فذهب بعضهم إلى أن قول القرعة جارٍ، وذهب آخرون إلى أنه لا يجري، فإنا نمتنع عن إجراء القرعة في الطلاق إذا استبهم، فيجب الامتناع منها إذا وقع النزاع في استحلال البضع بالنكاح؛ فإذاً ينحسم أدوال الاستعمال بجملتها، فنضطر إلى القطع بالتهاتر.
فلو كان المتنازَع عقدَ بيع، فقول القرعة جارٍ، وامتنع بعض أصحابنا عن إجراء قول الوقف بناء على أن البيع لا يقف، وهذه غفلة ظاهرة؛ فإن الوقف الذي نمنعه في البيع، إنما هو توقف العقد على وجود شرط قد تخلف عنه، فأما التوقف في الخصومات، فلا يمتنع فرضه في البيع.
والغرض مما ذكرناه أن يتبين الناظر أن جريان أقوال القسمة لا يعم كل صورة. فإذا خضنا في المسائل أوضحنا هذا المقصود، إن شاء الله.
12228 - ثم إن المزني اختار لنفسه قولَ التهاتر، وارتضى للشافعي قول القسمة، أما اختياره لنفسه، فلا معترَض عليه فيه، وليس مساعَداً في اختيار قول القسمة للشافعي، وقد أبطله الشافعي في مواضع، وقال: من قال بالقسمة دخلت عليه شناعة (?)؛ فإنه ليس قاضياً بواحدة من البينتين.
12229 - وتوجيه الأقوال بعد ذلك على إيجاز: من قال بالتساقط؛ تعلق بالتضاد، واستشهد بتعارض أدلة الشريعة، ومن قال بالاستعمال تعلق باشتمال الخصومة على البينتين، ولا ننكر أن الأَوْجَهَ التهاترُ، ثم قول القرعة يوجّه بجريان القرعة في مواضع الإشكال، وقولُ القسمة يوجَّه باستواء المتداعيين، وتعلُّق كل واحد منهما بما لو انفرد به لقضي به، فالبينتان بمثابة الاشتراك في يده، وأعدل الأقوال في الاستعمال قول الوقف؛ فإن البينتين متفقتان على كون المدعى عليه مبطلاً، فبعُد