أمّا الأول فهو ابن الجوزي (ت 597هـ) ، حيث ذكر في كتابه (الموضوعات) تعليلاتٍ خفيّةً من كلام أبي عبد الله الحاكم، ثم قال: ((فإن قويَ نظرُك ورسخت في هذا العلم فَهِمْتَ مثل هذا، وإن ضَعُفْتَ، فَسَلْ عنه. وإن كان قد قَلَّ من يَفْهمُ هذا، بل عُدِم)) (?) .
وأمّا الثاني فهو الذهبي (ت 748هـ) ، فقد قال وهو يؤرّخ للقرن الثالث الهجري ولمن فيه من علماء الحديث: ((وخلقٌ كثيرٌ لا يحضرني ذكرهم، ربما كان يجتمعُ في الرحلة منهم المئتان والثلاثمائة بالبلد الواحد، فأقلّهم معرفةً كأحفظ من في عصرنا)) (?) .
ويقول الذهبي أيضاً في موطن آخر: ((ثم تناقص هذا الشأن في المائة الرابعة بالنسبة إلى المائة الثالثة، ولم يزل يتناقص إلى اليوم. فأفضل من في وقتنا اليوم من المحدّثين على قِلّتهم نظيرُ صغار من كان في ذلك الزمان على كثرتهم. وكم من رجل مشهورٍ بالفقه والرأي في الزمن القديم أفضل في الحديث من المتأخرين، وكم من رجل من متكلّمي القدماء أعرف بالأثر من سُنّيّة زماننا)) (?) .
ويقول في موطن ثالث: ((وليس في كبار محدّثي زماننا أحدٌ يبلغ رُتبة أولئك في المعرفة ... (إلى أن قال في الردّ على من لمزَ متقدّمي المحدثين بنقص الفقه) : فاسكت بحلم أو انطق بعلم، فالعلم النافع هو ما جاء عن أمثال هؤلاء. ولكن نسبتك إلى أئمة الفقه كنسبة محدّثي عصرنا إلى أئمة الحديث، فلا نحن ولا أنت، وإنما يعرف الفضل لأهل الفضل ذو الفضل ... )) (?) .
وأقف هنا، ولولا ضيق الوقت لاتّسع المقال.
ولكن فيما تقدّم كفاية.
الخاتمة: