الحد الفاصل بين المتقدمين والمتأخرين

بَيَانُ الحَدّ

الذي يَنْتهِي عِنْدَهُ أَهْلُ الاصطلاحِ والنَّقْد

في علوم الحديث

د. الشريف حاتم بن عارف بن ناصر العوني

الأستاذ المساعد بقسم الكتاب والسنة

بجامعة أم القرى

بسم الله الرحمن الرحيم

المقدّمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: فلا شك أن علم الحديث (كغيره من العلوم) قد مَرّ بأطوار مختلفة، من حين نشأته إلى هذا العصر. وقد كان في أطواره هذه (كغيره من العلوم أيضاً) قد نشأ ونَمَا وترعرع حتى اكتمل، ثمّ أخذ يضعف شيئاً فشيئاً. إلا أنه من حينٍ لآخر تقوم جهودُ بَعْثٍ وتجديد في علوم الحديث، تُعيد إليه بعضاً من مظاهر حياته، وتَدْفَعُ عنه أخطارَ موته وفنائه، تحقيقاً لوعد الله تعالى بحفظ هذا الدين.

وقد كان من فضل الله تعالى علينا في هذه الأيام، أننا نعيش فترة انتعاش لعلوم السنّة وعنايةٍ بتعلُّمها وتعليمها لم تكن موجودةً قبل زمنٍ يسير من الآن. وفي هذه الفترة التي نعيشها: نشهدُ جهوداً كثيرةً لخدمة السنة، وهي جهودٌ وإن لم تصل إلى درجة الكفاية أو قريبٍ منها، إلا أنها قد تكون أكثر نفعاً وأعظمَ بركةً لو كانت جميعُها تنطلق من قواعد راسخة، وتبنى على أصول صحيحة.

وهذا الخللُ المعاصرُ في تعلّم علوم السنة أو في خدمتها هو أمرٌ طبيعي، نتيجةً لفترة الركود الطويلة التي مَرّت عليها. لكنَّ الأمر غير الطبيعي أن نأبى إصلاحَ ذلك الخلل بعد أن تبيّنّاهُ، أو أن نَرْفُضَ الاعترافَ بوجوده أصلاً بعد أن قام المصلحون ببيانه والسَّعْي في إصلاحه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015