وهذا الذي حصل من هؤلاء يعود إلى طبيعة التكوين الذي حصلوا عليه، وسوء الفهم لبعض المواضيع ظهر أثرها للعيان. وكثيرا ما كنت أتمثل بما حصل للحافظ أبي عبد الله الحاكم في بعض تخاريجه لحديث إسماعيل ابن عياش عن مطعم بن المقدام الصنعاني كما نبه إليه ابن القيسراني في معرض بيانه سبب تأليفه كتاب» المؤتلف والمختلف «، إذ قال عقيبه:» تفرد به الشاميون عن اليمانيين «فاعتقد أن مطعما هذا من صنعاء اليمن، وإنما هو من صنعاء، قرية بباب دمشق، نزلها جماعة من الصحابة، وفيه قال أبو عمرو الأوزاعي: (ما أصيب أهل الشام بأعظم من مصيبتهم بالمطعم بن المقداد الصنعاني) (?) . وهذا الذي حصل للحاكم لا يرجع إلى قلة علمه، بل إلى مجرد الوهم، ومن يعرى عنه؟! ومعرفة أنساب الرجال من أنواع علوم الحديث التي لا غنى للمحدث عنها، وتكفيه غفلة عن هذا الأمر ليجرح ثقة أو يوثق مجروحا!