ولا زال العلماء يهتمون بجودة الفهم والإفهام، وصنفوا في ذلك مصنفات عدة تهتم بالسلوك التربوي داخل مجلس العلم حتى يتمكن الطالب من حسن الفهم (?) .

بهذا، ندرك أهمية الموضوع في العلوم الشرعية عامة، وفي علوم الحديث خاصة لأنها من أهمها لارتباطها بأمرين اثنين:

1 ـ المنهج النقلي وما ينبني عليه من الطرق المؤدية إلى فحص الروايات ونقدها بهدف التمييز بين الصحيح والسقيم.

2 ـ وفهم دلالة النص المنقول بغية العمل بمقتضاه وتنزيله على الواقع لكونه تشريعا للمسلمين.

لأجل ما ذكر، بنى العلماء قاعدة جليلة: (إن كنت ناقلا فالصحة، وإن كنت مدعيا فالدليل) .

بسبب هذه الأهمية التي تكتسيها علوم الحديث، وجبت العناية بها عناية كاملة دراسة وتدريسا وتطبيقا، الأمر الذي جعل علماء الحديث يولونها منذ العهود الأولى نصيبها من الاهتمام لحسن الاستيعاب والفهم والعمل.

وإننا في هذه الندوة العلمية الدولية: (علوم الحديث: واقع وآفاق) ، نهدف أساسا إلى إبراز واقع هذه المادة في صفوف الطلاب، والوسائل القمينة بتجاوز العراقيل التي تعوق العملية التعليمية وتيسرها عليهم. وما من شك أن استصعاب الشيء يولد هجره إن لم نقل كراهيته.

وهذا الموضوع شغل ذهني زمنا غير يسير وأنا أحاول تبليغ المادة لطلابي، أو عندما أقف على هفوات في بحوث الدراسات العليا، أو عندما أسمع خطيبا يلقي خطبته يوم الجمعة ممن ليس من أهل هذا الشأن فيحتج بحديث ويعقب عليه بأنه أخرجه ابن الجوزي في موضوعاته، غير متفطن إلى أن المقصود من الكتاب أنه خاص بالأحاديث المكذوبة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015