أفلا يعتبر هذا كافيا لإمعان النظر في كيفية تبليغ علوم الحديث التي تمثل المنهج الإسلامي في المحافظة على سلامة الحديث وحسن فهمه؟! وهو منهج تأثرت به باقي الميادين من تفسير وفقه وأصول وعقيدة وأدب ولغة ونحو وتاريخ ... وهذا المجتمع الغربي يعمل على تيسير المعرفة ونشرها في كتب مخصصة لذلك (?) ، والذي يعود إلى عمل علماء السلف رحمهم الله، يجدهم لم يقصروا في هذا الباب، وجهدوا في تيسير علوم الحديث على الطالبين، ونشره في مجالس العلم وإن كانت للمتفرغين لهذا الشأن مجالس خاصة، وألفوا في ذلك ما تزخر به المكتبة الإسلامية عامة، والحديثية خاصة. فلا غرابة عندما نجد المحدثين يولعون باختصار المبسوطات وجمع قواعد العلم من بطون المصنفات تيسيرا على طلاب العلم لتعذر وقوفهم على كل ذلك دفعة واحدة من خلال هذه الكتب التي صنفت في كل نوع من أنواع علوم الحديث. وفي كل زمان تظهر حاجة تستدعي عناية خاصة من لدن أهل العلم. وزماننا هذا، يدفعنا دفعا إلى إعادة النظر في كيفية نقل المعرفة عموما، وعلوم الحديث التي هي من أصعب العلوم بشكل خاص.
نظرا لأهمية المسألة، نحن في حاجة إلى رصد جميع مكونات العملية التعليمية، والاستفادة من عمل السلف في الجانب التعليمي، واقتراح الحلول الممكنة للتخفيف من حدة مشكلة الفهم والإفهام.
2 - معوقات الفهم لدى الطالب:
الطالب أحد مكونات العملية التعليمية، وفي غياب مشاركته الفعالة لا يمكن الحديث عن الفهم والإفهام، لأن ذلك لا يدرك إلا بعد ظهور أثر الفعل التعليمي.
ولكي يتفاعل وينفعل مع هذه العملية، يفترض أن يكون على مستوى معين من الإدراك الذي به يفهم نسبة مما يقدم إليه ويستطيع أن يعبر عنه بأسلوب واضح وسلس يفهم منه المراد.
فإلى أي حد يستطيع الطالب اليوم أن يفعل ذلك في ظل التكوين العام الذي خضع له؟
ثم إلى أي حد يظهر تجاوبه مع مادة علوم الحديث خاصة؟