ومنذ مطلع القرن العشرين وإلى الوقت الحاضر نعلم كيف برزت منطقة الشرق الأوسط، وأهمية هذه المنطقة استراتيجياً واقتصادياً وبالتالي فإن الدراسات الاستشراقية استمرت واتصلت، كما أَنَّ مؤتمرات المستشرقين واصلت طريقها بدعم من الحكومات ومن المؤسسات ومن الأغنياء (الأفراد) من الأمريكيين والأوروبيين. ونجد أَنَّ الاستشراق الروسي يبرز بشكل أقوى منذ الثوره البلشفية سنة 1917 م.
إذ لا بد من دراسة القوم الذين يراد لهم أَنْ يُسْتَعْمَرُوا، ولا بد أَنْ يعتقد الغربي أَنَّ العمل إنساني وحضاري وكيف مُثَّل الإسلام أمام الغرب؟
أولاً لا وجود حقيقي للإسلام في الغرب لعدم وجود المؤسسات القوية القادرة على تمثيله، وهذا ولَّد فراغاً وَمَكَّنَ المؤسسات الاستشراقية ومن ورائها عدد كبير من الدارسين الغربيين الذين لا يعرفون العربية، ولكنهم يتلقون الصورة من خلال المؤلفات الاستشراقية.
لقد ظهرت دراسات تحليلية كثيرة في القرن العشرين عن الإسلام والمسلمين وعن القرآن الكريم، وعن السُنَّةِ النبوية، وعن السيرة النبوية، وعن الثقافة الإسلامية وعن الشريعة الإسلامية، وهذه المؤلفات قامت بعقد دراسات مقارنة، والمقارنات منذ القديم تستهدف شيئاً أساسياً وهو تصوير الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه مصلح اجتماعي عكس ضرورات البيئة العربية في مكة. ويقول جب Gib : « إنه نجح لكونه أحد المكيين» بمعنى أنه عَبَّرَ عن الحاجيات المحلية، ومهما اختلفت العبارات ما بين قسوة كاملة تتسم بسوء الأدب عند ذكر الرسول، - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - وهذا ما يقوله المستشرقون المتأخرون عن المتقدمين بأنهم أساءوا جدًا - وبين دراسات أكثر موضوعية وحيادًا. ومهما اختلفت الصورة تبقى هناك قضية أساسية وهي أَنَّ جميع المستشرقين - متسامحهم ومتعصبهم - يتأثرون بوسطهم الثقافي المعادي للإسلام إلاَّ من أسلم منهم، وهم قلة كما تعلمون مثل " أتين دينيه "، صاحب " محمد رسول الله " و " أشعة من نور الإسلام " وهو فرنسي، ومثل " موريس بوكاي " الذي قارن بين القرآن والانجيل والتوراة، ولما تَبَيَّنَ له أَنَّ