لا ينظر إلى الأمر من زوايانا ونحن ندرس في كلية قرآن وكلية حديث وكلية شريعة وكلية لغة عربية، لا ينظر الأمر من هذه الزاوية، وإنما ينبغي أَنْ ننظر برؤية واسعة إلى العالم الاسلامي إلى تلك الأجيال التى تعد بالملايين والتي لا تعرف عن الإسلام إِلاَّ الشهادة وَإِلاَّ بعض المظاهر العامة. ماذا لو نُوقِشَتْ قضية الوحي الإلهي، وتطبيقات علم النفس التحليلي عليه؟ ألا يتسرب الشك إلى عقل خال وليس عنده مِنْ تَصَوُّرٍ لقضية الوحي الإِلهي؟ بالطبع ليس معنى ذلك أن هذه القضية هي من بنات أفكار هذا القرن، نعم إن استخدام التحليل النفسي هو من أفكار القرن لارتباطه بعلم مُعَيَّنٍ أو فرع مُعَيَّنٍ من فروع علم النفس ولكن قبل ذلك ماذا قيل؟ قيل إن النبي - عَلَيْهِ الصَلاَةُ وَالسَّلاَمُ - يُصْرَعُ، ولكن المستشرقين الذين تأخروا لما درسوا ظاهرة الصَّرَع من الناحية الطبية وجدوا أَنَّ الدعوى لا يمكن أَنْ تقبل لأن المصروع يفقد عقله، أما رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فكان على أتم اليقظة والوعي واستحضار العقل بل شِدَّةِ التركيز، بحيث قال له الله تعالى أَلاَّ يفعل ذلك إشفاقًا عليه {لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ، إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ، فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ} (?). وعده الله تعالى بأن يجمع ذلك له، بأن يُحْفِظَهُ إِيَّاهُ دون هذا التركيز العقلي المشدود، فأين هذا من حال المصروع؟ فالمصروع كما نعلم يَهْذِي لكنه لا يأتي بقرآن مُبِينٍ لا يتناقض إطلاقاً، وعدم التناقض إطلاقاً ليس إلا من صفات الله سبحانه وتعالى، ولذلك قال الحق: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} (?).
أيضاً قالوا لنا بأن " جوستاف لوبون " الفرنسى الذي كتب " حضارة العرب " رجل حصيف، ورجل عادل وهو يثني على العرب وحضارتهم، وكتابه هذا اعتراف بمكاننا، ولكنهم لم يقولوا لنا ماذا يقول جوستاف لوبون عن القرآن، يقول: «ليس في عامية القرآن ولا صوتيته أو هويته الصبيانية التى هي من صفات الأديان السماوية ما يقاس بنظريات الهندوس». يَعْنِي: لوبون يرى أَنَّ القرآن الكريم في لغته وفي أفكاره لا يرقي إلى الهندوسية، ثم ينكر شمولية القرآن، ويرى أنه مؤقت لعصره، وأنه لا يحقق حاجات الفرد في عصور لاحقة بل يجعله سبب تخلف المسلمين.