كم أُثْنِيَ على " توماس كارليل Thomas Carlyle صاحب " الأبطال " الذي ترجم إلى العربية، إنه جعل النبي بطلاً تاريخيًا وأنه مستشرق منصف، والآن اقرأوا فقرة من كلام كارليل عن القرآن، يقول: «هو خليط مهلهل مُشَوَّشٌ، محل خام، مستغلق تكرار لا نهاية له، وإسهاب وإطناب ومعاضلة، خام إلى أقصى الدرجات، ومستغلق وبإيجاز غباء فارغ لا يطاق». هذا الكلام نقله إدوارد سعيد - وهو أستاذ جامعي أمريكي نصراني من أصل عربي - نقله عن كارليل في كتابه " الاستشراق " (?) وكتاب " الاستشراق " هذا يعد من أقوى ما كتب في فضح المستشرقين ومناهجهم وتعريتهم، ووضعهم في الإطار الكلي من قبل رجل ليس مسلماً ليقال إنه يتعصب للإسلام وللمسلمين، وإنما هو رجل نصرانى، ومنذ أن كُتب هذا الكتاب وَصُدِّرَ إلى أسواقنا بالعربية سنة 1981 م تتالت كتابات مسلمين أستثيروا، فظهرت عدة دراسات أثارت نفس القضايا الكبرى سواءً ما تعرض له إدوارد سعيد أو أخذت نماذج من الاستشراق كالهولندي، كما فعل الدكتور قاسم السامرائي في " الاستشراق بين الموضوعية والافتعالية "، وكما فعل الدكتور زقزوق في محاضرته التى نشرت في سلسلة كتب مجلة " الأمة " عن الاستشراق، وثمة كتاب يستحق أَنْ يشار إليه وهو " مناهج المستشرقين " الذي طبعه مكتب التربية لدول الخليج العربي والذي يقع في مجلدين تحت عنوان " مناهج المستشرقين في الدراسات العربية والإسلامية " فلا شك أن هذا الكتاب يعد عملاً نقديًا رائعًا في مجاله، ولكن الكُتَّاب لم يتمكنوا أن يقولوا كل ما يريدون لأنهم كتبوا بحوثًا ومقالات اجتمعت في المجلدين، والأمر يحتاج إلى جهد أكبر لِيُفْحَصَ كلام الاستشراق وكيف طُرِحَ على الغرب وكيف تَكَوَّنَتْ صورة العربي والمسلم في ذهن الغربي المعاصر. ثم إذا ما عُدِّلَ المخاطب أو المراد بالخطاب إلى الشرقي المسلم العربي ما الذي سينتج بعد ربع قرن إذا ترجم ستون ألف كتاب أو عشرون ألف منها إلى لغات العرب والمسلمين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015