وتعكس الصورة منذ مطلع القرن العشرين إلى الآن بشكل ترجمة إلى لغاتنا فَتُحَوِّلُ الخطاب القديم - إلى الأوروبى - إلى خطاب جديد للمسلم وبنفس الأفكار والتوجيهات التي تولِّد الشك في نفس المسلم.
أولاً: لأن التربة صالحة لبذر أية فكرة فلا توجد تربية إسلامية مو جهة لكل أبناء العالم الإسلامي، ولأجياله الصاعدة، ولا يوجد تغذية بالقرآن وَالسُنَّةِ ومفاهيم الإسلام بشكل يحصن الشاب المسلم عن تقبل مثل هذه الأفكار.
ثانياً: هذا الخطاب يحطم الأُمَّةَ لأن المعنوية التي تأتيها من صلتها بالقرآن، بالوحي الإلهى كتابًا وَسُنَّةً، واستشعارها بأنها الأُمَّةَ الوحيدة التي تحمل وحيًا إلهيًا خالصًا من التحريف، هذا الاستشعار يمكن أَنْ يعيدها إلى مجد حضاري جديد، والمجد الحضاري الجديد معناه وقف المصالح للعالم الغربي، معناه توجه المنطقة توجهًا مستقلاً يحفظ كرامتها وشخصيتها وهويتها الإسلامية وثقافتها التاريخية وتطلعاتها نحو مستقبل أفضل.
قبل ثلاثة عقود في المرحلة الجامعية كان الأستاذ يتكلم بلسان الآخرين، وطبعاً هناك أناس متدينون في القاعة، ولازالت الطينة بصورة عامة فيها بقايا خير كثير، ولازالت لم تتسخ كثيرًا، من الصعب أََنْ يقول الإنسان ائتمر أبوبكر وعمر وأبو عبيدة على انتزاع الخلافة، ولكن يستطيع أََنْ يقول ذلك على لسان الأب " لا مانس " ويسوق هذا الكلام ثم يسكت. والمهم أَنَّ الصورة التي تكونت في أذهان الطلبة الجامعيين أَنَّ هؤلاء الصحابة أناس يأتمرون بينهم على انتزاع سلطة وخلافة دنيوية، وأنهم ليس كما يقول المسلمون عنهم من كونهم رُبُّوا على عين النبوة، ونشأوا مع آيات الوحي وتمثلوها قولاً وعملاً وبما أنهم نماذج الإسلام الأولى فلا يعقل أَنَّ آخرين سيأتون بعدهم يصبحون نماذج أفضل. وهكذا فإن الإسلام ليس دينًا واقعيًا يُرَبِّي رجالاً نظيفين وأقوياء، وإنما مجرد خيال ومثاليات.