اللاشعور أو العقل الباطن، فعندئذ يكون الأسلوب مُغَايِرًا لأسلوبه عندما يكون في يقظته العقلية الكاملة أو وعيه الظاهر الكامل، ومن هنا يأتي أسلوب الحديث مُغَايِرًا لأسلوب القرآن. نحن نعلم أَنَّ مغايرة أسلوب القرآن لأسلوب الحديث هو أحد الوسائل التى بُنِيَتْ عليها موضوعات الإعجاز القرآني، باعتبار أن أسلوب القرآن أسلوب فريد متميز عن الأساليب البشرية، وأن الإسلام تحدى العرب - وهم أساطين البلاغة - بأن يأتوا بسورة من مثله فعجزوا، وأن عدم استجابتهم للتحدي مع رغبتهم في ذلك يدل على أن الأمر كان عندهم ظاهرًا بحيث تميزت أمامهم الحقيقة وهي أن هذا أسلوب مغاير لأساليب البشر. ومن هنا تبرز أهمية هذه الفذلكة التي يقدمها مونتغمري وات لأنها تستهدف نقض قضية الإعجاز باعتبار أن هناك أساليب متغايرة تنجم إحداها عن الوعي الظاهر والثانية عن اللاشعور، بالطبع مثل هذا إذا قُيِل ينبغي أن يطبق على سائر الأساليب لسائر الكُتَّابِ والشعراء والمفكرين في أرجاء الدنيا، وإلا لماذا يختص محمد - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وحده بالأسلوبين؟ ونحن نعلم أن الدراسات المقارنة والدراسات الأدبية النقدية كلها مبنية على وحدة الأسلوب بحيث يقال إن هذا الكلام ليس من كلام فلان لأنه مغاير لأسلوبه.

إن محاولات إلقاء الرؤى الثقافية المعاصرة على الاسلام، منهج خطير، ومن الناحية العلمية لا يمكن قبوله لأنه مجرد إسقاط تاريخى لرؤية ثقافية حديثة، فقبل مونتغمري وات كان المستشرقون يحتارون في تفسير ظاهرة الوحي قبل أن تبرز فكرة التحليل النفسي التي جاء بها فرويد الطبيب المشهور في مطلع هذا القرن والتي أخذت مجالها في الدراسات النفسية والاجتماعية وفي عالم الرواية الأدبية.

كانت مشكلة الوحي تواجه المستشرقين ولا يتمكنون من إعطاء تفسير لها إلا باللجوء إلى الاتهامات التى سبق أن ذكرت على لسان الجاهلين في مكة عند نزول الإسلام، وللأسف في دراساتنا الجامعية، وربما المرحلة الثانوية كانت تطالعنا أسماء لدارسين يسمون دارسين غربيين، وهذه الأسماء أصبح

طور بواسطة نورين ميديا © 2015