وقال في الحديث الصحيح:"مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر" (?) . انتهى.

فإذا فهمت هذا فاعلم أن للمسلم على المسلم حقوقا في الإسلام, يجب مراعاتها, وله من الذنوب والمعاصي ما يوجب بغضه ومعاداته عليها, فيحب ويوالي ويكرم من وجه, ويبغض ويعادي ويهان من وجه آخر. فإذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر, وبر وفجور, وطاعة ومعصية, وسنة وبدعة, استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير, واستحق من المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر, فيجتمع في الرجل الواحد موجبا الإكرام والإهانة, فيجتمع له من هذا وهذا, كاللص الفقير تقطع يده لسرقته, ويعطي ما يكفيه من بيت المال لحاجته.

هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة, وخالفهم الخوارج والمعتزلة ومن وافقهم عليه فلم يجعلوا الناس إلا مستحقا للثواب فقط, أو مستحقا للعقاب فقط. وأهل السنة يقولون: "إن الله يعذب بالنار من أهل الكبائر من يعذبه, ثم يخرجهم منها بشفاعة من يأذن له في الشفاعة بفضله ورحمته, كما استفاضت بذلك السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم كما قرر ذلك شيخ الإسلام في مسألة الهجر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015