فلما عاملنا المسافرين بهذه المعاملة, أخذنا بقول أئمة الإسلام, أنكر هؤلاء الجهال علينا ذلك وطعنوا به, ورأوا أن ذلك من أعظم المنكرات.
ومراد هؤلاء ومرامهم منا أن نسير في المسلمين بسيرة الخوارج والمعتزلة ومن وافقهم, فنأخذ بالشدة والتضييق والحرج على الأمة, وأن لا نرى للمسلم على المسلم حقوقا في الإسلام, وأن نترك ما اتفق عليه أهل السنة والجماعة, فلا نجعل الناس إلا مستحقا للثواب فقط أو مستحقا للعقاب فقط.
ونحن نبرأ إلى الله من هذا المذهب, ونعوذ بالله من الحور بعد الكور, ومن الضلالة بعد الهدى.
والدليل من السنة على أن درأ المفاسد مقدم على جلب المصالح: حديث أبي هريرة المتفق عليه عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام, ثم آمر رجلا يصلي بالناس, ثم أنطلق إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم بالنار " فهمّ بتحريق من لم يشهد الصلاة.
في "المسند" وغيره:" لولا ما في البيوت من النساء والذرية لأمرت أن تقام الصلاة " الحديث (?) .
فبين صلى الله عليه وسلم أنه همّ بتحريق البيوت على من لم يشهد الصلاة, وبين أنه إنما منعه من ذلك من فيها من النساء والذرية, فإنهم لا يجب عليهم