فكانت المصلحة الدينية في تأليف قلوبهم, وهؤلاء كانوا مؤمنين, والمؤمنون سواهم كثيرون. فكان في هجرهم عز الدين وتطهيرهم من ذنوبهم ... إلى آخر كلامه.
فإذا تحققت هذا فقد هجر المشايخ المسافرين إلى بلاد المشركين مدة طويلة, فلما لم ينجع فيهم الهجر, ولم ينزجروا عن السفر, رأوا أن درأ المفسدة التي تفضي إلى المقاطعة والمدابرة والتباغض والتحاسد والشحناء أرجح من مصلحة الهجر, كما في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لا تقاطعوا, ولا تدابروا, ولا تباغضوا, ولا تحاسدوا, وكونوا عباد الله إخوانا " (?) .
وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي في "السنن": " ألا أنبئكم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ " قالوا: بلى يا رسول الله. قال:" إصلاح ذات البين, فإن فساد ذات البين هي الحالقة, لا أقول: تحلق الشعر, ولكن تحلق الدين " (?) .