وأما قولهم: ويسلمون على المسافرين: فنقول: اعلم يا أخي أنّا قد بينا فيما تقدم براءة المشايخ مما نسبه عنهم هؤلاء المفترون من إباحة السفر إلى بلاد المشركين.

وأما السلام على المسافرين فقد بينا في مسألة الهجر, أن ذلك من باب التأديب والتعزير لأهل الذنوب والمعاصي, وأن ذلك مشروع إذا كان فيه مصلحة راجحة على مفسدته, وأما إذا كانت مفسدته أرجح من مصلحته فليس بمشروع. كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية _قدس الله روحه_:

"وهذا الهجر يختلف باختلاف المهاجرين في قوتهم وضعفهم وقلتهم وكثرتهم, فإن المقصود زجر المهجور وتأديبه ورجوع العامة عن مثل حاله, فإن كانت المصلحة في ذلك راجحة بحيث يفضي هجره إلى ضعف الشر وخفيته (?) (كان مشروعا) (?) , وإن كان لا المهجور ولا غيره يرتدع بذلك بل يزيد الشر, والهاجر ضعيف بحيث تكون مفسدة ذلك راجحة على مصلحته لم يشرع الهجر, بل يكون التأليف لبعض الناس أنفع (من الهجر) , والهجر لبعض الناس انفع من التأليف, ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتألف أقواما ويهجر آخرين. وقد يكون المؤلفة قلوبهم أشر حالا في الدين من المهجورين, كما أن الثلاثة الذين خلفوا كانوا خيرا من أكثر المؤلفة قلوبهم, لكن أولئك كانوا سادة مطاعين في عشائرهم,

طور بواسطة نورين ميديا © 2015