شيخنا رحمه الله عن هذه الشبهة بنحو ما ذكرنا، والحق ظاهر بحمد الله لا تخفى أنواره، ولكن أهل الزيغ يتبعون المتشابه من كلام الله وكلام رسوله، وكلام أهل العلم. قالت أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها: "إذا رأيتم الذين يتبعون المتشابه فأولئك الذين سمّى الله فاحذروهم" انتهى.
ثم قال العراقي: "النقل السابع والثلاثون: قال ابن المقري الشافعي في مختصر الروضة: إن من كان من أهل الشهادة لا يكفر ببدعة على الإطلاق. وما استند إلى تأويل يلتبس الأمر على مثله، وهو الذي رجحه شيخنا أبو العباس ابن تيمية".
والجواب:
إن هذه العبارة يحتج بها على العراقي وأمثاله من القائلين: إن عبادة الأولياء والصالحين شرك أصغر أو مستحبة، كما زعمه هذا الضال، وذلك من وجوه:
الأول: أن الكلام في البدعة، والبدعة في عرف الشرع دون الشرك الأكبر والكفر، فكلامه في أهل البدع، والعراقي تأويله في أهل الشرك؛ ولذلك فرق الفقهاء بين المبتدع ومن يدعو غير الله، ويستغيث به ويتوكل عليه، كما ذكره ابن القيم وغيره من المصنفين في الكبائر كابن حجر الهيتمي.
الوجه الثاني: أن هذا مقيد بمن كان من أهل الشهادة، وهذا القيد يخرج عباد القبور، لأن المقصود بالشهادة التوحيد، كما في حديث وفد عبد القيس: "وآمركم بالإيمان بالله وحده، أتدرون ما الإيمان بالله؟ شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وأن تؤدو من المغنم الخمس". وأهل الشهادة هم أهل الإيمان باتفاق المسلمين. ومن عداهم ليس من أهل الشهادة، وإن قالها من قالها بلسانه كاليهود والمنافقين.