الثالث: إن قوله: على الإطلاق لا ينافي أنه يكفر ببعض البدع المقيدة.
الرابع: أن قوله: "وما استند إلى تأويل يلتبس الأمر على مثله" مخرج لعباد القبور وأهل الردة، فإنه لا تأويل معهم يلتبس به الأمر، ولهذا لم يعذر أهل الفترة ونحوهم ممن اتخذ مع الله إلها آخر.
وقد سئل شيخ الإسلام عن رجل قال: قال النبي صلى الله عليه وسلّم: "من قال: لا إله إلا الله دخل الجنة"، قال آخر: إذا سلك الطريق الحميدة واتبع الشرع دخل ضمن هذا الحديث، فقال له ناقل الحديث: أنا لو فعلت كل ما لا يليق وقلت: لا إله إلا الله، دخلت الجنة ولم أدخل النار؟ ".
فأجاب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى بقوله: "الحمد لله رب العالمين، من اعتقد أنه بمجرد تلفظ الإنسان بهذه الكلمة يدخل الجنة ولا يدخل النار بحال فهو ضال مخالف للكتاب والسنة وإجماع المؤمنين؛ فإنه قد تلفظ بها المنافقون الذين هم في الدرك الأسفل من النار، وهم كثير، بل المنافقون قد يصومون ويصلون ويصدقون، ولكن لا يقبل منهم. قال الله تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللهَ إِلاَّ قَلِيلاً} [النساء: 142] وقال تعالى: {قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ} [التوبة: 53، 54] وقال تعالى: {إِنَّ اللهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} [النساء: 140] ، وقال تعالى: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} إلى قوله: {فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الحديد: 12: 15] .
وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " آية المنافق ثلاث إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا ائتمن خان " ولمسلم: " وإن صلى وصام وزعم أنه مسلم ". وفي الصحيحين عنه أنه قال: " أربع من كن فيه كان منافقًا خالصًا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه