بالشرك، وأوليائه الموحدين بذمهم وعيبهم ومعاداتهم، وتنقصوا من أشركوا به غاية التنقص إذ ظنوا أنهم راضون منهم بهذا، وأنهم أمروهم به. وهؤلاء هم أعداء الرسل في كل مكان وزمان وما أكثر المستجيبين لهم. ولله خليله إبراهيم حيث يقول: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ، رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ} [ابراهيم: من الآية 35 ـ36] ، وما نجا من شَرَك هذا الشرك الأكبر إلا من جرد توحيده لله وعادى المشركين في الله وتقرب بمقتهم إلى الله" انتهى كلامه.

فانظر إلى هذا التقرير الواضح البين الذي لا يحتمل التأويل، وقوله: "طلب الحوائج من الموتى، والاستغاثة بهم والتوجه إليهم، وأن هذا أصل شرك العالم"، وقوله: "فعكس المشركون هذا، وجعلوا قبورهم أوثاناً تعبد"، وقوله: "وهؤلاء هم أعداء الرسل في كل مكان وزمان" واستدلاله بقول الخليل: {وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} ، وقوله: "وما نجا من شرِك هذا الشرك الأكبر إلا من جرّد توحيده لله".

فانظر وتأمل هذه النصوص الجليلة الواضحة في الشرك الأكبر، الذي هو دين العراقي وأمثاله. هل يمكن صرفها إلى الشرك الأصغر؟ وهل يقبل ذلك عقل من له أدنى ممارسة للعلم الديني النبوي؟ وهذا العراقي رأى سلفاً له قد شبه بها في زمن الشيخ فتبعه، ولم يبال بما تقدم من التقرير التوضيح لغلبة الهوى، ومحبة ما هو عليه من عبادة الصالحين، ودعوة الناس إلى ذلك، قال تعالى: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ} [البقرة: من الآية93] .

وبالجملة فمن وقف على كلام الشيخ ابن القيم في هذا الموضع تبين له الهدى، وعرف سبيل من ضل وغوى.

وأيضاً فالعدول إلى الاسم الظاهر في المعطوفات، وهو قوله: "ومن أنواع الشرك سجود المريد للشيخ" يفيد أن هذا رجوع إلى الشرك من حيث هو لا إلى الأصغر، وكذلك سجود المريد للشيخ لا يختلف في أنه من الشرك الأكبر، كما نص فقهاء المذاهب في باب الردة. وقد أجاب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015