كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من عبد يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى خصال ثلاث: إما أن يعجل الله له دعوته، أو يدخر له من الخير مثلها، أو يصرف عنه من الشر مثلها. قالوا: يا رسول الله إذا نكثر؟ قال: الله أكثر". فهم في دعائهم لا يزالون بخير. وأما القبوريون فإنهم إذا استجيب لهم نادراً فإنّ أحدهم يضعف توحيده ويقل نصيبه من ربه، ولا يجد في قلبه من ذوق طعم الإيمان وحلاوته ما كان يجده السابقون الأولون. ولعله لا يكاد يبارك له في حاجته اللهم إلا أن يعفو الله عنهم لعدم علمهم بأن ذلك بدعة؛ فإن المجتهد إذا أخطأ أثابه الله عز وجل على اجتهاده وغفر له خطأه، وجميع الأمور التي يظن أن لها تأثيراً في العالم وهي محرمة في الشرع كالتمريخات الفلكية والتوجهات النفسانية كالعين أو الدعاء المحرم والرقي المحرمة والتمريخات الطبيعية ونحو ذلك فإن مضرتها أكثر من منفعتها حتى في نفس ذلك المطلوب. فإن هذه الأمور لا يطلب بها غالبا إلا أمور دنيوية فقلّ أن يحصل لأحد بسببها أمر دنيوي إلا كانت عاقبته فيه في الدنيا عاقبة خبيثة دع الآخرة. والمخفق من هذه الأسباب أضعاف أضعاف المنجح، ثم إن فيها من النكد والضرر ما الله به عليم، فهي في نفسها مضرة لا يكاد يحصل الغرض بها إلا نادراً، وإذا حصل فضرره أكثر من نفعه، والأسباب المشروعة في حصول هذه المطالب المباحة والمستحبة سواء كانت طبيعية كالتجارة والحراثة أو كانت دينية كالتوكل على الله والثقة به، وكدعاء الله سبحانه على الوجه المشروع في الأمكنة والأزمنة التي فضلها الله ورسوله بالكلمات المأثورة عن إمام المتقين صلى الله عليه وسلم كالصدقة وفعل المعروف يحصل بها الخير المحض أو الغالب وما يحصل من ضرر بفعل مشروع أو ترك غير مشروع مما نهى عنه فإن ذلك الضرر مكثور في جانب ما يحصل من المنفعة. وهذا الأمر كما أنه قد دل عليه الكتاب والسنة والإجماع فهو أيضاً معقول بالتجارب المشهورة والأقيسة الصحيحة، فإنّ الصلاة والزكاة يحصل بهما خير الدنيا والآخرة ويجلبان كل خير ويدفعان كل شر، فهذا الكلام في بيان أنه لا يحصل بتلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015