وزودونا من الكعك والسويق والماء، فلم نزل نمشى حتى نفد ما كان معنا من الماء والسويق والكعك، فجعلنا نمشى جياعاً عطاشاً على شط البحر، حتى وقعنا إلى سلحفاة، قد رمى بها البحر مثل التُّرس، فعمدنا إلى حجر كبير فضربنا على ظهر السلحفاة فانفلق، وإذا فيها مثل صفرة البيض،. فأخذنا من بعض الأصداف الملقى على شط البحر، فجعلنا نغترف من ذلك الأصفر فنتحساه، حتى سكن الجوع والعطش، ثم مررنا وتحملنا حتى دخلنا مدينة الراية، وأوصلنا الكتاب إلى عاملهم فأنزلنا في داره، وأحسن إلينا، وكان يقدم إلينا كل يوم القرع، ويقول لخادم:: هات لهم اليقطين المبارك، فيقدم إلينا ذلك اليقطين من الخبز أياماً. فقال واحد منا بالفارسية: " ألا تدعو باللحم المشئوم.، وجعل يُسمع صاحب الدار ..
فقال: أنا أحسن الفارسية، فإن جدتي كانت هروية.، فأتانا بعد ذلك باللحم، ثم خرجنا من هناك، وزودنا إلى أن بلغنا مصر " أهـ
أيها المتفقه ..
يا لها من رحلة الأهوال!! فمتى تنفض عنك تنكب الأطفال؟! متى تُشهر سيفك وتنزل حلبة النِّزال؟ لماذا لا تلحق بركب هؤلاء الرجال؟ يا هذا أما ينفك عنك زمان الأحلام والآمال!! متى ترعوي بمشي الأيام في الآجال؟ تقول: من ذا؟! وأقول: الرجال. تقول: كيف ونحن في ... !! وأقول: بعون ذي الجلال.