وأحب أن ألفت النظر في هذا المقام إلى أنَّ شيوخنا السابقين من المؤسسين لدعوة السنة في مصر قاموا في مطلع القرن السابق ووسطه، فوجدوا من حولهم نار البدعة ودخن المعاصي قد أصابت الناس، فصار الدين غريبًا بين أهله في نصه ومنطقه، وفي عمله وتمثيله، وفي هيئته وسمته، فقاموا ـ كالذي يطفئ حريقًا ـ يتتبعون اللهب ثمَّ أثر الدخان حتى خمد الحريق، فظن كثير ممن عاصرهم وسار سيرتهم أن هذا هو طريق العلم الذي ربى شيوخنا عليه طلبتهم، والذي يريدونه من تلامذتهم، وأنَّ من خالف ذلك فقد خالف الشيوخ المعلمين، وهذا فهم غير صحيح؛ فإنَّ شيوخ السنة إنما يقربون العلم لأهل عصرهم بحسب حاجتهم إليه، ويراعون حال الناس فيعطونهم ما يحتاجون إليه، ولا يقدمون على التوحيد شيئًا، ولا يأخذون علوم الشرع من غير طريق الأئمة قبلهم، حيث فهم السلف للقرآن والسنة وهجران البدعة.

واليوم وقد أثمر الله ثمارًا جليلة من وراء جهاد الشيوخ قبلنا وجب علينا الرجوع إلى المنهجية في العلم، وأن نجعل منطلقاتنا في ذلك منهج سلف الأمة في العلم والعمل، فالله نسأل أن يوفق المسلمين لتعلم دينهم ونشره في الناس في كافة أرجاء الأرض، وإنَّ ذلك يبدأ ـ ولابد ـ من المسلمين خاصة في البلاد الناطقة بلغة القرآن.

وبعد فهذا الأخ الفاضل الشيخ / محمد حسين يعقوب ـ الذي جعل الله لكلماته القبول في الناس في مواعظه وأشرطته ـ يكتب كتابًا سماه (منطلقات طالب العلم) فصَّل فيه حول الإخلاص وصدق النية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015