كنت في زمان الصبا آخذ معي أرغفة يابسة، فأخرج في طلب الحديث، وأقعد على نهر عيسى فلا أقدر على أكلها إلا عند الماء.، فكلما أكلت لقمة شربت عليها، وعين همتي لا ترى إلا لذة تحصيل العلم، فأثمر ذلك عندي أنى عُرفت بكثرة سماعي لحديث الرسول ... ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأحوالِه وآدابه، وأحوال الصحابة وتابعيهم. أهـ (?)

أيها المتفقه ـ حبيبي في الله ـ

لابد لك من خليل موافق لا يفارقك في زمان الطلب، ألا وهو " الصبر" فإنَّه ملاك ذلك الأمر كله، فيا أقدام الصبر احملي فقد بقى القليل.

يقول ابن القيم: " فإن كان يأجوج الطبع ومأجوج الهوى، قد كانوا في أرض القلوب فأفسدوا فيها، فأعينوا الملك بقوة يجعل بينكم وبينهم ردمًا، أجمعوا له من العزائم ما يشابه زبر الحديد، ثم تفكروا فيما أسلفتم؛ ليثور صعد الأسف فلا يحتاج إلى أن يقول لكم: انفخوا، شدوا بنيان العزم بهجر المألوفات والعوائد، وقد استحكم البناء فحينئذ أفرغوا عليه قطر الصبر، وهكذا بنى الأولياء قبلكم فجاء العدو فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا " (?)

فالصبر خِلٌ لطالب العلم إن فارقه استوحش في البوادي القفار، وإن لازمه أنس وأدلج، ولا تستقيم النفوس إلا به إذ طبعها الكسل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015