أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، أخبرني أبو عبد الله: محمد بن إبراهيم المؤذن، سمعت محمد بن عيسى الزاهد يقول: فيما بلغنا: إن «عبد الرحمن بن مهدي» مات له ابن، فجزع عليه جزعاً شديداً حتى امتنع من الطعام والشراب، فبلغ ذلك «محمد بن إدريس الشافعي» فكتب إليه:
أما بعد، فعّزَّ نفسك بما تعزي غيرك، واستقبح من فعلك ما تستقبحه من فعل غيرك، واعلم أن أمضَّ المصائب فَقْدُ سرورٍ مع حرمانِ أجر، فكيف إذا اجتمعا على اكتساب وزر؟ وأقول:
إني معزِّيك لا أني على طمعٍ ... من الخلود ولكنْ سنّة الدين
فما المعزَّى بباق بعد صاحبه ... ولا المعزِّي ولو عاشا إلى حينِ (?)
قال: فكانوا يتهادونه بينهم بالبصرة.
وأخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي، سمعت الحسين بن أحمد بن موسى يقول: سمعت محمد بن يحيى الصُّولي يقول:
قال المبرد: رحم الله الشافعي، وإنه كان من أشعر الناس، وآدب الناس، وأعرفهم بالقراءات، ولقد أخبرني بعض أصحابي أنه مات لعبد الرحمن بن مهدي ولد فكتب إليه الشافعي:
يا أخي، عَزّ نفسك بما تعزِّي به غيرك، واستقبح من فعلك ما تستقبحه من فعل (?) غيرك، واعلم أنّ أمضّ المصائب فَقْدُ سرور، وحرمانُ أجر، فكيف إذا اجتمعا مع اكتساب وِزْر؟ فتناول حظّك يا أخي إذا قرب منك، قبل أن تطلبه، وقد نأى عنك. ألهمك الله عند المصائب صبراً، وأجزل (?) لنا ولك بالصبر أجرا. وكتب إليه: