ومَن لم يَزل في سُنة الله صابراً على الضَّرب والأنكاِ واسّجن مُذْ بُلِي
كأني أرى الجلادَ يثني سِياطَه على بَدنٍ بالٍ من الصوم مُنْحَلِ
وأعضاؤه تَنجري الدماء كأنها عيونٌ إذا ما السوط منكبه عَلي
وقد وَهنَت من شدة الضَّرب نَفسه وحسَّ دَبِيبَ الموت في كل مَفْصِلِ
وقال له الجُهَال: يا مُبْتَلَى أجِبْ فإنك إن تأبَ الإجابة تُقتلِ
فقال: على البَرِّ الرَّحيم تَوكُّلي أعوذ بربي من مَقالة مُبطِ
ويا مَنْ يُعَافِي من يَشاءُ ويبتلى أمِتْنِي سَليمَ الدين غيرَ مبدِّلِ
فما حَجَبَ البرُّ الرحيم سُؤالَه لقد خصَّه منه بصيرٍ مُعجَّلِ
فنجّاه منهُ كاملَ الدين سالماً بلا بدعة من سُنة لم يُحوّلِ
فعاشَ حميداً ثم ماتَ مُفرداً به أحدٌ من دَهره لم يمثّلِ
فبُورك مَولوداً وبثورك ناشِئاً وبوركَ كَهلاً من أمينِ معَدَّلِ
وبُور مقبوضاً وبورك مُلْحَداً وبوركَ مَبعوثاً إلى خَير منزلِ
أُرجِّي له الحُسنى بإظهاره التُّقَى وما يشإِ العلامُ بالسرِّ يفعلِ
وبَعْدُ فإنَّ السنَّة اليوم أصبحَتْ مُعززةً حتى كأَنْ لم تُذلَّلِ