فيقولون له: هو ضعيف، وفي خلال ذلك يقولون: يا أبا عبد الله، لابدّ له من أن يراك فيسكت، فإذا خرجوا، قال: أما تعجب من قولهم: لابدّ أن يراك، وما علمهم من أنه لابد أن راني؟ وجاءَ يعقوب، فقال: يا أبا عبد الله، أميرُ المؤمنين مُشتاق إليك، ويقول: انظر اليوم الذي تَصير إليه فيه أي يوم هو حتى أعرفه؟ فقال: ذاكَ إليكم، فقال: يوم الأربعاء يوم خالٍ، ثم خرج يعقوب، فلما كان من الغد جاء فقال: البشرى يا أبا عبدالله، أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام، ويقول لك: قد أعفيتُك عن لبس السَّواد والركوب إلى وُلاة العهد وإلى الدار، فإن شئتَ فالبس القُطن، وإن شئتَ فالبس الصوف، فجعل يَحمد الله عزَّ وجلَّ على ذلك. ثم قال له يعقوب: إن لي ابناً وأنا به مُعْجَب، وله من قَلبي موقع، فأحب أن تُحدّثه بأحاديثَ، فسكت، فلما خَرج، قال: أتُراه ما يرى ما أنا فيه؟!
أخبرنا ابن ناصر، قال: أنبأنا أبو القاسم بن البُسْري، عن أبي عبد الله بن بَطة، قال: أخبرنا الآجرِّي، قال: أخبرنا أبو نَصر بن كردي، قال: حدثنا المرُّوذي، قال: سمعتُ يعقوب- رسول الخَليفة - يقول لأبي عبد الله يَجيئك ابني بَين المغرب والعشاءِ، فتحدثه بحديث واحد أو حديثين؟ فقال: لا، لا يجيء، فلما خرج سمعته يقول: ترى لو بلغ أنفه طرف السماءِ حدثته؟ أنا أحدث حتى يوضع الحبل في عنقي؟!