ثلاث على تمرٍ شُهريز، فمكث بذلك خمسةَ عشر يوماً، يُفطر في كل ثلاث، ثم جعل بعد ذلك يُفطر ليلةً وليلة، لا يفطر إلا على رغيفٍ وكان إذا جيءَ بالمائدة تُوضع في الدهليز لكي لايراها، فيأكل مَن حَضر، وكان إذا أجهده الحرّ تُلقى له خِرقة فيضعها على صَدره، وفي كل يوم يوجه المتوكل بابن ماسَويه ينظر غليه ويقول: يا أبا عبد الله، أنا أميلُ إليك وإلى أصحابك، وما بكمن علة إلا الضَّعف وقلة الرِّزّ، وإن عبادنا ربما أمرناهم بأكل دُهن الخَلِّ فنه يلين، وجعل يَجيئه بالشيءِ ليشربه فيصبه، وجَعل يعقوب وعَتّاب يصيران إليه، فيقولان له: يقول ل أمير المؤمنين: ما تقول في ابن أبي دُؤاد، وفي ماله؟ فلا يُجيب في ذلك شيئاً، وجعلا يُخبرانه بما يحدث من أمر ابن أبي دؤاد في كل يوم، ثم أحدر ابنُ أبي دؤاد إلى بَغداد بعد ما أشهد عليه ببيع ضِيَاعه، وكان ربما صار إليه يَحيى وهو يُصلي، فيجلس في الدّهليز حتى يَفرغ، ويجيء علي بن الجَهم، فينزع سيفه وقلنسوته ويدخل عليه.

وأمر المتوكل أن يُشترى لنا دار، فقال لي: يا صالح، قلت: لبيك، قال: لئن قررتَ لهم بشراءِ دار لتكونَنَّ القطيعةُ بيني وبينك، إنما يريدون أن يُصيّروا هذا البلدَ لي مأوى ومسكناً، فلم يزل يدفع شراء الدار حتى اندفع، وصار إليَّ صاحب النُّزل، فقال: أعطيك كل شهر ثلاثة آلاف درهم مكان المائدة؟ قلت: لا. وجَعلت رسُل المتوكل تأتيه يسألونه عن خبره، فيصيرون إليه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015