الْقَاضِي شوُوِرَ فِي رَجُلٍ يُوَلَّى قَضَاءَ الرَّقَّةِ، فَقَالَ لَهُمْ: مَا أَعْرِفُ لَكُمْ رَجُلًا يَصْلُحُ غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ، فَإِنْ شِئْتُمْ فَاطْلُبُوهُ مِنَ الْكُوفَةِ، قَالَ: فَأَشْخَصُوهُ، فَلَمَّا قَدِمَ جَاءَ إِلَى أَبِي يُوسُفَ، فَقَالَ: لَمَّاذَا أَشْخَصْتَ؟ قَالَ: شَاوَرُونِي فِي قَاضٍ لِلرَّقَّةِ، فَأَشَرْتُ بِكَ وَأَرَدْتُ بِذَلِكَ مَعْنًى أَنَّ اللَّهَ قَدْ بَثَّ عِلْمَنَا هَذَا بِالْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ وَجَمِيعِ الْمَشْرِقِ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ تَكُونَ بِهَذِهِ النَّاحِيَةِ لِيَبُثَّ اللَّهُ عِلْمَنَا بِكَ بِهَا وَبِمَا بَعْدَهَا مِنَ الشَّامَاتِ، فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ! أَمَا كَانَ لِي فِي نَفْسِي مِنَ الْمَنْزِلَةِ مَا أُخْبَرُ بِالْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أُشْخَصُ! فَقَالَ: هُمْ أَشْخَصُوكَ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالرُّكُوبِ، فَرَكِبَا وَدَخَلا عَلَى يَحْيَى بْنِ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ، فَقَالَ ليَحْيَى: هَذَا مُحَمَّدٌ، فَشَأْنُكُمْ بِهِ، فَلَمْ يَزَلْ يُخَوِّفْ مُحَمَّدًا حَتَّى وَلِيَ قَضَاءَ الرَّقَّةِ، وَكَانَ ذَلِكَ سَبَبَ فَسَادِ الْحَالِ بَيْنَ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ "