ملتقي اهل اللغه (صفحة 6164)

هذه المشكلة عولجت في التفسير الميسر، لكن عندنا مشكلة لم تُعَالج، لا في التفسير الميسر، ولا في تفسير الشيخ السعدي، وهي المعنى اللُّغويّ الدقيق للفظة القرآنية، هذه لم يقع معالجته لا في هذا ولا في هذا، ولهذا نقول:

في هذه المرحلة يمكن أن يضيف طالب العلم له كتابًا في غريب القرآن لكي يتعرف على معنى الألفاظ من جهة لغة العرب، فيكون عنده الآن المعنى اللغوي للفظة من جهة، ومن جهة أخرى يكون عنده المعنى السياقي الذي يريده في مثل التفسير الميسر، أو غيره من هذه الكتب، وهذا جانب مهم جدًّا.

ما هو الكتاب الذي يختاره في تفسير غريب القرآن؟

هناك كتب كثيرة، وفي الغالب كتب غريب القرآن متقاربة، إلَّا الكتب المطولة مثل كتاب:

«المفردات» للراغب الأصفهاني.

أو «تفسير غريب القرآن» لأبي بكر الرازي صاحب «مختار الصحاح».

أو «عمدة الحفاظ» للسمين الحلبي.

حيث تعتبر كتب مطولة في كتب الغريب، لكن لو أُخذ أي كتاب آخر مثل:

«تحفة الأريب» لأبي حيان وهو مختصر جدا.

أو «تفسير غريب القرآن» لمكي.

أو غيرها من هذه الكتب التي نجدها موجزة، يمكن أن يستفيد منها طالب العلم.

ويغلب على كتب غريب القرآن: السلامة من المشكلات التي يسأل عنها طالب العلم كثيرًا، يعني: يغلب عليها السلامة سواء من جهة الاعتقاد أو غيرها من القضايا الأخرى.

فإذًا، إذا أضيف في هذه المرحلة كتاب في غريب القرآن تكون الآن عندنا الدائرة قد اكتملت في أنَّ عندنا هدف، وعندنا وقت للكتاب المُنتخَب، وعندنا أيضًا طريقة لهذه القراءة، وعندنا مجموعة من الكتب يمكن أن تكون في هذه المرحلة.

هذه المرحلة ليس لها زمن محدد، فلا يقول طالب العلم: كم نجلس في هذه المرحلة؟

ليس لها زمن محدد، لأن المسألة مرتبطة بكيفية استفادة الطالب، والطلاب يختلفون من طالب إلى آخر في سرعة الاستفادة، والوصول إلى المعلومة، والحصول على الفهم التام، ولهذا لا نقول هنا أن هذه المرحلة يمكن أن تجلس سنة أو سنتين، بل هي على حسب ما يستطيعه الطالب.

وأنا ـ ولله الحمد والمنة ـ ألاحظ بعض الطلاب الآن عندهم اجتهاد، وأيضًا عندهم حرص ودَأَب، وعندهم تخطيط، حتى إنه يكون أحيانًا تخطيط للساعات، وإن كنت أخشى على مثل هذا أن يكون أحيانًا فيه مشقة، ولهذا أنا أقول اربطوا أنفسكم بالتخطيط الأسبوعي، أي أن يقرأ ـ على سبيل المثال ـ كل أسبوع جزءً ما، يعني قرأه اليوم أو قرأه في ثلاثة أيام أو في أربعة أيام، أفضل من أن يحُد نفسه بطريقة معينة فقد يترك كل الشيء، لكن يجتهد ألَّا يشق على نفسه وأن يكون مواظبًا على قراءته؛ لأن من أكبر العيوب التي نقع فيها هي الانقطاع عن مثل هذه الأعمال، لكن الحريص هو الذي يأخذ قليل العمل ويداوم عليه، كما أشار الرسول صلَّى اللهُ عليه وآلِهِ وسلَّم إلى أحب الأعمال إلى الله قليل العمل مع المداومة عليه.

وقليل العمل مع المداومة هو الذي سيثمر ثمرة كبيرة جدًّا.

المرحلة الثانية: وهي مرحلة السالكين في هذا العلم:

أي أنه دخل في التخصص، وقد قرأ جملة من كتب علوم القرآن، وكان قد قرأ التفسير على الطريقة التي ذكرتها أولًا.

وهذه المرحلة لو تأملنا، سنجد أن كل من دَرَس في الدراسات القرآنية يمكن أن يكون دخل في هذا التوصيف الذي ذكرته.

هذه المرحلة يمكن أن نقسمها إلى مرحلتين، ويمكن أن ندمج المرحلتين معًا.

أهم أهداف هذه المرحلة:

الأول: معرفة أصول التفسير.

ثانيًا: معرفة الأقاويل في التفسير.

يعني: معرفة أقوال المفسرين، ومعرفة أصول التفسير.

لماذا أقوال المفسرين، ولماذا أصول التفسير؟

لأنه في المرحلة الأولى أخذ التفسير على معنًى واحد، وهو الآن سينتقل إلى مرحلة ثانية، يتعرف على أن هذه الآية أو هذه الجملة، أو هذه اللفظة فيها أكثر من قول عند المفسرين, وأن ما ذُكِرَ له هو انتخاب، وترجيح من صاحب هذا التفسير الذي كان يقرأ فيه، وذكر له وانتخب له هذا القول، هنا الآن تعرَّف على أنه يوجد أكثر من قول.

ولا شك أن من أكبر ما يعترض طالب علم التفسير هو كثرة الأقوال، فكيف يستطيع أن يتعامل مع الأقوال؟

الجواب: أن يعرف أصول التفسير.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015