من القضايا ـ أيضًا ـ التي يمكن أن ينبه عليها:
أنه قد يقول قائل: أنا لي قراءات أخرى وأستفيد فوائد من كتب التفسير أو غيرها مرتبطة بالآيات، فكيف أتعامل مع هذه الفوائد التي أستفيدها خارج قراءتي لهذا التفسير؟
والجواب: هو تقييد هذه الفوائد في مَحِلِّها من التفسير الذي بين يديك، بمعنى أن هذا التفسيرَ سيكونُ متنًا بالنسبة لك تُضِيفُ إليه الفوائد مرةً بعدَ مرة.
وهذا الأسلوب سأذكر له مثالًا من الأمثلة الموجودة عندنا في السَّاحة، مثل كتاب الجبل (حاشية الجمل على الجلالين) لو تأملنا طريقة الجمل ـ رحمه الله تعالى ـ في كتابه سنجد أنه جعل كتاب الجلالين أصلًا وأضاف إليه فوائد، ولهذا تجدونه يأتي بكلام، ثم يقول: انتهى. شيخنا، انتهى. كذا، فهو يذكر فوائد يعلقها على الجلالين، ولا يحرص على فكِّ عبارته وشرحها كغيره من شروح الجلالين.
هذه الفكرة ـ وهي فكرة جمع الفوائد في مكان واحد ـ مهمة جدًّا لكن لا تجعلها هي الأصل الآن، وإنما الأصل هو استظهار هذا الكتاب الذي بين يديك، فإذا وقعت على فائدة ما خلال قراءاتك الأخرى، فاجعلها في مكانها من هذا الكتاب الذي بين يديك.
هذا تقريبًا باختصار طريقة القراءة في هذه المرحلة، وكما قلنا أن أهم شيء هو الهدف وهو بيان المعنى الإجمالي.
الكتاب المُعْتَمَد لهذه المرحلة:
يُحرص على أن يكون كتابًا مختصرًا ميسرًا، فإن لم يوجد فيكون من الكتب المتوسطة التي لا تحمل إشكالات كثيرة، بحيث تتعب الطالب وهو يقرأ.
من الكتب التي يمكن أن تطرح في هذا المجال للمبتدئين، أطرح دائمًا كتاب «التفسير الميسر» الذي خرج عن مُجَمَّع الملك فهد ككتاب أولي؛ لأن هذا الكتاب فيه ميزة مهمة جدًّا هو أنه يتجه إلى المعنى الإجمالي مباشرة، وإن كان لا يشمل جميع مسائل التفسير مثل أسباب النزول أو بيان المعاني أحيانًا من جهة اللغة، لكنه ـ على الأقل ـ يعتبر لَبِنَة أولى لفهم المعنى الإجمالي، ما دمنا قلنا أن الهدف الأولي للقراءة للمبتدئ هو فهم المعنى الإجمالي، فإن هذا الكتاب قد اعتُنِيَ به عناية كبيرة جدًّا.
وهذا الكتاب مرَّ على لِجَان متعددة، وليس عملا فرديًا، وهذه ميزة مهمة لهذا الكتاب.
وأيضًا الطبعة الجديدة التي صدرت الآن، حُسِّن فيها هذا العمل أكثر، وضُبِطَتْ فيه بعض القضايا الفنيَّة التي لم تكن قد ضُبِطَت فيما قبل، وليس فيه إشكالات علمية كما قيل عنه، بل هي كلها مجالات في الاجتهاد، مثلًا أن آية فسروها في هذا الموطن بكذا، ثم عبروا بتعبير آخر، فرأوا توحيد تعبيرات التفسير، أو بعض العبارات أزالوها وأضافوا عبارات أخرى بدلًا منها.
وأقول هذا الكتاب لمن أراد أن يدخل في المرحلة الأولى كتاب مهم ونَفِيس في أن يبتدئ به.
هناك أيضًا كتاب درجته أعلى قليلًا، ومؤلفه اجتهد أن يشابه أسلوب البيضاوي ولكنه أقل منه وأقصر في هذا، وهو: «جامع البيان» لمعين الدين الصفوي، وقد انتشرت طبعته الأخيرة التي طبعت في الكويت، لكن وقع فيها بعض الأخطاء، ويمكن أن يعتبر في هذه المرحلة، مع إشكالات قليلة موجودة فيه.
ومن يرى أن «التفسير الميسر» بالنسبة له أقل من المرحلة التي يريدها، يمكن أن يجعل كتاب «جامع البيان» للصفوي أصلًا يعتمد عليه ويضيف إليه.
وللمؤلف منهج ورموز بينها في أول الكتاب يمكن أن يتعرف عليها الطالب.
من الكتب المتوسطة التي يمكن أيضًا أن يبتدئ بها الطالب:
من تفاسير المتقدمين: اختصار تفسير يحيى بن سلام لابن أبي زمنين وهو كتاب مغمور، لكنه من الوضوح بمكان ويمكن الاستفادة منه، أو كذلك تفسير ابن المظفر السمعاني، وإن كان يذكر الأقوال، وهي مرحلة لا يحتاجها طالب العلم المبتدئ.
ومن تفاسير المعاصرين: أيسرالتفاسير لأبي بكر الجزائري، وأضف إلى ذلك تفسير السِّعْدِي.
وهذا التفسير ـ مع أنه لقي قبولًا عند الكثيرين ـ أُحب أن ننتبه إلى مسألة مهمة، قد تمنع الطالب المبتدئ من الاستفادة منه في إدراك المعنى الإجمالي للآية على وجه التحديد، وهي أن أسلوب الشيخ ـ رحمه الله تعالى ـ الذي سلكه، هو أسلوب إنشائي، والطالب حينما يقرأ كلام الشيخ، يقرأ كلامًا إنشائيًا، وهو يريد أن يعرف المعنى ولا يستطيع أن يصل إليه، والسبب هو الأسلوب الإنشائي الذي سار عليه الشيخ.
¥