ملتقي اهل اللغه (صفحة 6162)

هذه الكتب الثلاثة لا يمكن أن نعدها متونًا تصلح لطالب العلم المبتدئ، وإنما هي متون يقرأ فيها العلماء، وأن أستغرب من بعض مَن ينصح بعض الطلاب المبتدئين بقراءة مثلًا تفسير الجلالين، هذا التفسير في نظري لا يُناسب طالب العلم المبتدئ وفهمه منه سيكون قليلًا، لأن فيه تَلْغِيزًا في العبارة في بعض القضايا مثل قضية القراءات، وهو كتاب يحتاج إلى فكٍّ وشرح وتعليم.

هذا باختصار نظر سريع جدًّا لبعض الكتب التي عُنِي بها العلماء، أما كتاب الواحدي الذي جعله للمبتدئين لم يحظَ بالقبول على مر السنين، إنما الذي حظي بالقبول عند العلماء وصار يُتَدَارسُ ويُتَدَاولُ هذه الكتب الثلاثة.

أما اليوم فنحن نحتاج إلى ما نغربل ما عندنا من الكتب، والكتب ـ ولله الحمد والمنة ـ كثيرة جدًّا الآن، ولو أردت أن تقسمها لوجدت أنك يمكنك أن تقسمها إلى أقسام كثيرة، والكتاب الواحد يمكن أن تقسمه إلى أكثر من قسم، مرة تجعله في الاتجاه الفقهي، ومرة تجعله في الاتجاه اللغوي، ومرة تجعله في الاتجاه العَقَدِيّ، على حسب ما هو موجود الآن من دراسات المناهج والاتجاهات.

المرحلة الأولى لمرحلة المبتدئين:

وهذه التي يجب أن نُعْنَى بها، وأيضًا أقول لطالب العلم، خصوصًا الذي في المرحلة الجامعية أن ينتبه إلى هذه المرحلة، وأن يُؤسِّس نفسه من خلال هذه المرحلة ويبتدئ بها، وألا يظن أنه تَقَدَّم على هذه المرحلة، وأنه ليس بحاجة لها؛ لأنَّه إذا تَكَشَّف ما عندَه من العِلم فإنه سيرى أنه ليس عنده شيء، والسبب هو أن طريقتنا في القراءة فيها مشكلات، منها أنها طريقة قراءة فقط ولا تتسم بالتَّقييد، ولسنا حفَّاظًا مثل من وهبه الله القدرة على الحفظ، لذا نحتاج أن نجعل التقييد في كل مرحلة من مراحل التعلم والقراءة.

والكتاب الذي نريد أن نصفه لهذه المرحلة كما يأتي:

1 ـ أن يكون الكتاب مُستوعِبًا لمسائل التفسير، قدر الطاقة، أي يكون فيه أسباب النزول، وبيان المفردات والمعنى الإجمالي وغيرها.

2 ـ أن يكون سهل العبارة، لا يحتاج إلى فكٍّ.

3 ـ أن يكون مختصرًا، لكي يَقْصُرَ زمنُ قراءته.

فإذا وُجِدَ كتابٌ بهذه المثابة، فأنا أعدُّ أن هذا هو الكتاب الذي يمكن أن يكون متنًا يبتدئ به الطالب.

إن لم يوجد متنٌ بهذه المثابة، أو قال الطالب إن هذا المتن قرأته وانتهيت منه، وأريد ما هو أفضل منه، فيمكن أن ينتقل إلى بعض الكتب المتوسطة التي لا يقع فيها إشكالات كثيرة، ولعلِّي أذكر إن شاء الله بعض هذه الكتب.

طريقة القراءة في الكتاب الذي ذكرته الآن ـ ويمكن أن نذكر بعض الكتب له ـ:

من أهم قواعد القراءة والتي نغفل عنها كثيرًا، هي أنه يجب أن نقرأ الكتاب كاملًا.

هل القراءة الواحدة تكفي، يعني: قراءة التفسير مرة واحدة تكفي؟

أقول: لا، نحتاج إلى قراءة التفسير أكثر من مرة، بحيث أن الطالبَ يَسْتَظْهِرُ ـ ولا أقول يحفظ وإنما يَسْتَظْهِرُ ـ جملة المعاني الموجودة في هذا التفسير، بحيث أنه لو سُئِلَ:

ما معنى هذه الآية؟

يستطيع أنه يعبِّر عن هذا المعنى من خلال ما استظهره من هذا الكتاب, ولا يمكن أن يستظهر هذا إلا معَ مُدَاومة القراءة مرة بعد مرة.

ولو رجعنا إلى سير بعض العلماء، سنجدُ أن هذه الفكرة ـ وهي فكرة إعادة الكتاب أكثر من مرة ـ موجودة عندهم، فيجب أن ننتبه إلى هذه القاعدة، وهي: (أن نقرأ الكتاب كاملًا، وأن نكرر قراءته مرة بعد مرة) لنستوعبَ ما في هذا الكتاب من التفسير.

من الأشياء التي ينتبه إليها المبتدئ خلال القراءة:

ترك الإشكالات؛ لأن الهدف في هذه المرحلة هو أن يفهم المعنى الإجمالي، وليس أن يفهم جميع ما يتعلق بالآية من مشكلات ومسائل.

وعليه أن يجمع هذه المشكلات والمسائل في دفتره ويسأل عنها متى ما تسنى له ذلك، لكن لا تكون قاطعة له عن هدفه في إتمام القراءة وإدراك المعنى.

وتحديد الهدف مهمٌّ جدًّا في هذه المرحلة، وهي أنَّا نقول له:

المطلوب منك الآن أن تفهم المعنى الإجمالي، بحيث أنَّا لو قلنا لك:

ما معنى قول الله ـ سبحانه وتعالى ـ: ?يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله وللرسول?؟

فإنك تعطينا المعنى الإجمالي، لكن حينما نريد أن نحلل لفظة (الأنفال) والأقوال التي قيلت فيها، فإن هذا ليس في المرحلة الأولى التي نطالب الطالب فيها أن يفهم المعنى العام.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015