ـ[علي زاهد]ــــــــ[04 - 11 - 2008, 12:22 ص]ـ
يا أخي سائد
السلام عليکم ورحمة الله
شکراً علي اهتمامک بمقالتي وعلي بذلک الوقت في الرد عليها، فأريد هنا أن أجيب عن بعض ما تفضلت، ولهذا جعلت جوابک أقساماً وأجيب علي کل قسم علي حدة:
1 - (هناك فرق كبير بين اللهجتين العراقية والفلسطينية بل ومعظم لهجات العرب العامية الآن):
أنا أيضاً قلت هذا وأکرر، وأعتبره إحدي مشاکل العربية. أسألک: لو تکلم بريتاني مع نيوزيلندي، هل يستخدمان لغة إنجليزية فصيحة أم يستعملان نفس الذي قرءآ وسمعا منذ نعومة أظفارهما؟ فمثلاً: هل يقولان بدل «How صلى الله عليه وسلمre You?» جملة أخري؟ نعم، يوجد خلاف ولکن الخلاف الذي قد ينشأ في تحدثهما إنما في کيفية تلفظ أحد الحروف؛ علي سبيل المثال: ربما يُظهر أحدهما حرف W في تحدثه والآخر يتلفظه بشکل سريع، ولکنهما في کل الأحوال لا يغيران بنية الکلمة، ومثلاً يبدلان How بـ Ohu. وهذا مما يحدث في العربية بکثرة کاثرة. فمثلاً نحن نتعلم في کتب تعليم العربية للسؤال عن حال الشخص هذه العبارة: «کيف حالک؟». قل لي: أي عربي ـ من أي قطر کان ـ يقول هذه الجملة؟ کلهم يغيرونها، بل لو تفضلوا وأرادوا أن يعربوا عن أحوالهم بالفصحي، لقالوا: «کيف الحال؟». ففي العراق مثلاً عندما يقولون: «إش لونک؟» وفي لبنان: «کيفک؟»، نري تغيراً کبيراً في الجملة الآنفة الذکر والتي کُتبت وطبعت ولاتزال تکتب وتطبع في کتب تعليم اللغة! فماذا يفعل غير عربي يتعلّمَ العربية؟ بالمناسبة، استشارني أحد الأساتذة الجامعيين فيما يخص تعلم لغة ثانية، فأرشدته علي الإنجليزية. قال: لماذا وأنت اختصاصک عربية؟ قلت: لعدة أسباب؛ أبسطها: ما تتعلمه في کتب تعليم الإنجليزية، متداول في السوق والشارع، فأنت تفهم کلامهم وهم يفهمون کلامک ولايتعجبون لماذا تتکلم بغير طريق يتکلمون بها!
2 - «اما كون هناك اشخاص لم يفهموا ما قلت فربما والله اعلم ان مخارج الحروف عندك فيها مشكلة - عذرا لا أقصد الاساءة - , فقولك (قراءة واستماعاً وکتابة) يعني انك لا تتكلم بها كثيرا وهذا يسبب لك مشكلة»
أولاً أنوه بأن ردک علي مقالتي وإجابتي عن ردک ليسا إلا مناقشة علمية، لهذا لو انتقدتني أو احتججتُ عليک، لا داعي للانزعاج وبالتبع الاعتذار؛ إذن لسنا ـ لا أنا ولا أنت ـ في حوارنا بحاجة إلي إظهار «العذر».
ثانياً. إني واثق بتلفظي الحروف من مخارجها تلفظاً صحيحاً، ولکن لاتظن أن العرب بأجمعهم يعرفون الفصحي. أذکر لک حکاية حدثت لي: رحت إلي المغرب في السنة الماضية ضمن هيئة علمية آکادمية. فأقمنا في مدينة فاس، وذات يوم عندما کنت أتجول الحي القديم من المدينة ومعي أردنيتان ولبنانية، أردنا أن نسأل شاباً کان في 22 من عمره تقريباً نسأله عن الطريق المؤدية إلي الحي الجديد. تکلمت بالفصحي، لم يفهم الشباب، تکلمتِ الأردنيتان لم يفهم، تکلمت اللبنانية لم تفهم، تعجّبنا. سألتُه: هل تتقن الفرنسية؟ قال: نعم. واللبنانية أيضاً کانت تجيد الفرنسية، فسألته وإذا هو يتکلم بالفرنسية بطلاقة! هذا لو دل علي الغزو الثقافي الفرنسي کذلک، لدل علي عدم فائدة العربية الفصحي.
ثالثاً. تصور! في زحام المطار وضوضائها لايبقي الموظف مرتاح البال وخالي الذهن، کما ليست له فرصة وترکيز کي يحوّل قناة الدارجة التي يسمعها إلي الفصحي. والمسافر أيضاً يريد أن يتم شغله بالسرعة کي لاتفوته الرحلة ولا وقت له کي يفکر: أي کلمة تستعمل في الفصحي للتعبير عن مفهوم کذا. إذن يقع السائل والمسؤول في المشکل بسبب المسؤول عنه! فاختلاف العامية عن الفصحي مشکل هام ومؤثر لغير العرب الناطق بالعربية وللعرب أنفسهم! أذکر لک مثالين:
أولاً. لو ذهبتُ إلي سوق في العراق مثلاً وأردت أن أشتري بعض الحاجيات، أتکلم مع البائع ـ وهو کما يقوله العراقيون «مِعِدي» ـ وأعبّر عن حاجتي وإنه أيضاً يفهم، إلي هنا ليست مشکلة، ثم يتکلم. لا أفهم من کلامه شيئاً أو علي أحسن التقادير 20%. هل من المعقول أن أنتظر منه التحدث بالفصحي؟ طبعاً لا، لأنه لايقدر عليه.
¥