ملتقي اهل اللغه (صفحة 6132)

ثانياً. في يوم من الأيام رأيت عراقياً يافعاً يدرس في المرحلة الإعدادية کان مسافراً إلي إيران. فتحدثت معه حول کلفة السفر من العراق إلي إيران وقضايا تدور حول هذا الموضوع، لم يستطع أن يجيبني وقال لي: «إنه يفهم کلامي ولکن لايستطيع أن يتحدث بالفصحي». وهذا عجب عجاب.

3 - «يعني انك لا تتكلم بها كثيرا وهذا يسبب لك مشكلة»:

أنا تعلمت العربية في بيئة غير عربية، ولم يکن لي صديق أو جار أو شخص عربي أتحدث معه، وکذلک لم أکن متزوجاً بعربية کي أتحدث معه ليلاً ونهاراً بالعربية؛ فالطريق الوحيدة لي کانت ولاتزال أتبعها هي الاستماع إلي القنوات الفضائية، وأقول لعلمک: إن تجربتي في تعلم العربية أظهرت لي أن الاستماع وبعبارة أخري ملء الأسماع من العبارات والکلمات العربية يؤثر تلقائياً علي التلفظ أيضاً وکذلک العکس؛ کما نري الطرشان يکونون بُکماً.

3 - «فالصحف والاعلام عندنا كلها بالفصحى الا الموجهة لفئة وغرض معين»:

الصحف نعم، کل الصحف فصيحة، أما الإعلام. ففي التلفزيون أو الإذاعة لانسمع شيئاً فصيحاً إلا في قسم الأنباء أو إذا کان عرض لفلم وثائقي أو تقرير سياسي أو مثلاً طاولة مستديرة، ولکن باقي البرامج وأهمها الأفلام والمسلسلات والأغاني بالعامية مما يصعب فهمها. أقول لک شيئاً طريفاً: إني حصلت علي شريط من إحدي أغاني فيروز وهي: «مُرّيت بالشوارع ...» قبل عدة سنوات. استمعت إليها ربما مائة مرة. وحفظت حتي تلحين الأغنية، ولکن کلما حاولت أن أفهم ماذا تغني، لم أکن أنجح. وفيما بعد، ذات مرة بحثت في الإنترنيت عن موضوع، فرأيت کلمات هذه الأغنية. فطِرت فرحاً. فنسخت النص إلي حاسوبي وبدأت أقرأها. قرأتها لکن ما فهمت بعض جملاتها. مثلاً «حکينا سوي الخبرية» أو بعض کلماتها: «تاخِدني وتودّيني»، «بلکهـ بيوع الضمير». فسألت أحد العراقيين وشرح لي مشکوراً. ضع نفسک مکاني! ماذا کان انطباعک في تلک اللحظة؟ هل کنت تقول: الحمد لله الذي وفقنا لتعلم هذه اللغة الصعبة الملتوية؟ أم کنت تقول: تبّاً لهذه الصعوبة!

4 - «لا تجعل موقفا حدث لك يهزك ويزلزلك بهذه الطريقة فالامر هين»:

أخي العزيز! للأسف حدثت لي مواقف کثيرة، تحدثت عن قليلها في هذه الکلمات.

5 - «وما علمته عظيم لا سيما في رد شبهات قوم ينسبون للاسلام ما ليس فيه , ويستخدمون كل الاسلحة ومنها العربية , وانت الآن معك سلاح العربية لتدافع عن دينك , فاستخدم هذه النعمة لله ولا تفكر بالدنيا».

سيدي! يا «سائد»! أنا مسلم وأفتخر به وأذب عنه ما استطعت وقتما اقتضي الأمر، لکنني لست داعية ولا مبلغاً دينياً، کما کان الدافع الأکبر لي في تعلم العربية، التعرف علي عالم آخر ولغة أخري، لا تبليغ دين الإسلام.

6 - أما حول کتب الدکتور فاضل السامرائي مثل لمسات بيانية في القرآن الکريم، أخي ليست للفرق بين السحاب والمزن والغمام جذابية لي. إني لا أفرح لو علمت أن «عرين وغيل وغابة وغيصة وأيکة وشري» أو «حياء ووابل ووسمي ومدرار ومطر» مترادفة. لا شوق لي في أن أفهم ما هي الصناعات البديعية المستخدمة في الآية الشريفة: «يا أرض ابلعي ماءک ويا سماء أقلعي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت علي الجودي وقيل بعداً للقوم الظالمين» ثم أقارنها بآية لاتحتوي علي صناعة بديعية مثل کريمة: تبت يدا أبي لهب وتب. هذه بحوث تخصصية يحبها طالبها، مع أني درست المعاني والبيان والبديع لسببين: أولاً احتکاک أبحاث البلاغة في الفارسية بالبلاغة العربية وثانياً. کان الهدف لي منذ بداية تعلم العربية أن لاأترک مجالاً فيها إلا وأهتم به، ومنها مجال الشعر والبلاغة وحتي العروض.

ثم ما قلتُ في هذا البند، يصدق علي الإنجليزية أيضاً. فصحيح أن بعض المتعلمين للإنجليزية يحلو لهم أن يصرف الوقت ويبذل الجهد لتعلم المترادفات في هذه اللغة أو يفهمون نصوص شکسبير المکتوبة قبل أربعة قرون، ولکن أکثرهم يريدون أن يتحدثوا بالإنجليزية ويلبوا حوائجهم.

ختاماً، أنتظر بفارغ الصبر جوابک وجواب باقي المشارکين، ولکي يترکز البحث ولم يتشتت، في المرة القادمة أکتب باختصار عوامل صعوبة تعلم اللغة العربية وهي تدور حول ثلاثة محاور، کي يصبح مسار المناقشة معلوماً ومحدداً.

عفواً للإطالة

دُمتَ بخير! ما رنّحت عذباتِ البانِ ريحُ صبا وأطرب العيسَ حادي العيس بالنغم

ـ[أعرابية]ــــــــ[16 - 12 - 2008, 10:54 م]ـ

وآآ قطع قلباه مما قرأت!!!!!

كنت أرجو أن تكون أول مشاركاتي في هذا المحفل المبارك شكر لأمرائه وقيوميه ولكن مشاركتك أذكت لهيباً في قلبي،،

وسأجيبك - بإذن الله- بكل موضوعية ..

أولاً: اللغة العربية لغة القرآن، وليس فيها حظ وافر لمن ليس همه الدين ورفعته، لاسيما من كانت الأمة محتاجة لعلمه كأن يكون في بلد لايتحدث أهله العربية، ويشق على أحدهم فهم بعض أمور دينه، بينما من رزقه الله -تعالى - فهم العربية وحبها له منحاً آخر وتطلعات لاينظر فيها إلا لمصالحه التي يعتقدها. وعذراً عذراً،،

يتبع.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015