ملتقي اهل اللغه (صفحة 5919)

- وقال حمّاد بنُ سلمة:مثلُ الذي يطلبُ الحديثَ ولا يعرفُ النّحوَ، مثلُ الحمارِ عليه مِخلاةٌ لا شعيرَ فيها.

- وكان أيّوب السّختياني يقول:تعلّموا النّحوَ؛ فإنّه جمالٌ للوَضيع، وتركُه هُجْنَةٌ للشّريف.

- وقال عمر رضي الله عنه: تعلّموا النّحوَ كما تعلّمون السُّنن والفرائضَ.

- وقيل:اللّغة العربيّة هي رأسُ مال الكاتب، وأُسُّ مقالِه، وكنزُ إنفاقِه.

- قال عثمان المهريّ:أتانا كتابُ عمرَ بن الخطّاب ? ونحن بأذربيجان يأمرنا بأشياءَ، ويذكرُ فيها: تعلّموا العربيّة؛ فإنّها تُثبِّتُ العقلَ، وتزيدُ في المروءة.

- وقال الرشيدُ يومًا لبنيه:ما ضرَّ أحدَكم لو تعلّمَ مِن العربيّةِ ما يُصلِحُ به لسانَهُ؛ أيسُرُّ أحدَكم أن يكونَ لسانُه كلسانِ عبدهِ، وأَمَتِهِ.

- ومن كلامِ مالكِ بنِ أنسٍ:الإعرابُ حَلْيُ اللِّسانِ؛ فلا تَمنعوا ألسِنَتَكُم حَلْيَها.

- وقال أبو سعيدٍ البصريّ: النّحوُ يبسطُ من لسانِ الأَلْكَنِ * والمرءُ تُكرِمُهُ إذا لم يَلْحَنِ

وإذا طلبتَ مِن العلومِ أجلَّها * فأجلُّها عندي مُقيمُ الألسُنِ

- وممّا يُروى لأبي الأسود الدّؤليّ قوله:

ولا أقولُ لقِدْرِ القوْمِ قد غَلِيَتْ ... ولا أقولُ لبابِ الدّارِ مَغْلوقُ

لكنْ أقولُ لِبابي مُغْلَقٌ وغلَتْ ... قِدْري وقابَلَها دَنٌّ وإبْريقُ

أي: إنّني فصيحٌ لا ألحنُ.

- قال صاحب الرّيحان والرّيعان:واللّحنُ قبيحٌ في كُبراء النّاس، وسَراتهم، كما أنّ الإعرابَ جمالٌ لهم، وهو يرفعُ السّاقط مِن السَّفِلَة، ويرتقي به إلى مرتبة تُلحِقُه بمَن كانَ فوق نَمَطِه وصنفه.

- وقال كذلك:وكانَ مَن يُؤثِرُ عقلَه مِن الخلفاءِ يُعاقِبُ على اللّحْن، ويَنفِّرُ مِن خطإِ القولِ، ولا يُجيزُ أنْ يُخاطَبَ به في الرّسائل البُلْدانيّة، ولا أنْ يُوقََفَ به على رؤوسِهِم في الخُطَب المقاميّة.

وها هم الخلفُ من أعلام العصر، يقتفون أثرَ السّلفِ، ويسيرون على خُطاهم في رَصْدِ الأغلاط، والتّحذير من الأخطاءِ؛ وما ذلك إلاّ ذوْدًا عن حِياضِ العربيّة لِتبقى صافيةَ المشرب، وردًّا لِعوادي التّغريب من تَهجينِ لغة العرب، والزَّجِّ بها في زوايا الإهمال؛ لأنّها - زعموا - لا تَفي بحاجاتِ العصرِ، ولا تَستجيبُ لمطالبِ الإنسان.

إنّها مقالةُ كلِّ مهزوم، خسيس الهِمّة، خامل الإرادة، ممّن رضعَ ثقافةَ الغرب بقَضِّها وقَضِيضِها، حتّى أضحى لا يُفكِّرُ إلاّ بعقولِهم، ولا ينظرُ إلاّ بأعينِهم، فالحَسَنُ عنده ما استحسنُوه، والقبيحُ ما استقبحُوه؛ فهو عندهم رأسٌ، وعندنا ذنَبٌ، بعدما اِرتدَّ على أُمّتِه، ومقدّساتها، ينخر في أُسُسِها، وهو يَدّعي أنّه يُقيمُ ما اِنهدَمَ مِن صَرْحِها، ويُعْلِي ما اِنهارَ مِن بُنيانِها!.

ولِلّهِ دَرُّ حافظ إبراهيم شاعر النِّيل، فلقد فاه بدرر من محاسن الشّعر، وبليغ القريض حلَّى به جبين العربيّة؛ لتصير بعده مضرب الأمثال. قال - رحمه الله تعالى - على لسان اللّغة العربيّة يصف حالها بين أهلها:

رَجَعْتُ لنفْسِي فاتَّهمتُ حَصاتِي * وناديْتُ قَوْمِي فاحْتَسَبْتُ حَياتِي

رَمَوني بعُقمٍ في الشَّبابِ وليتَني * عَقِمتُ فلم أجزَعْ لِقَولِ عِداتي

وَلَدْتُ، ولمَّا لم أجِدْ لِعَرائسي * رِجالاً وأَكْفاءً وَأَدْتُ بناتِي

وسِعتُ كِتابَ اللهِ لَفظاً وغايةً * وما ضِقْتُ عن آيٍٍ به وعِظاتِ

فكيف أضِيقُ اليومَ عن وَصفِ آلةٍ * وتَنْسِيقِ أسماءَ لمُخْترَعاتِ

أنا البحرُ في أحشائه الدُّرُّ كامِنٌ * فهل سألُوا الغَوّاص عن صَدَفاتي

فيا وَيحَكُم أَبْلى وتَبْلى مَحاسِني * ومنْكمْ وإنْ عَزَّ الدّواءُ أساتِي

فلا تَكِلُوني للزّمانِ فإنّني * أخافُ عليكم أن تَحينَ وَفاتي

أرى لرِجالِ الغَربِ عِزّاً ومَنعَةً * وكم عَزَّ أقوامٌ بعِزِّ لُغاتِ

أتَوْا أهلَهُم بالمُعجِزاتِ تَفَنُّناً * فيا لَيْتَكُمْ تأتونَ بالكلِمَاتِ

أيُطْرِبُكُم من جانِبِ الغَربِ ناعِبٌ * يُنادي بِوَأْدي في رَبيعِ حَياتي

ولو تَزْجُرونَ الطَّيرَ يوماً عَلِمتُمُ * بما تحتَه مِنْ عَثْرَة ٍ وشَتاتِ

سقَى اللهُ في بَطْنِ الجزِيرة ِ أَعْظُماً * يَعِزُّ عليها أن تَلينَ قَناتِي

حَفِظْنَ وِدادِي في البِلى وحَفِظْتُه * لهُنّ بقلبٍ دائمِ الحَسَراتِ

وفاخَرْتُ أَهلَ الغَرْبِ والشّرقُ مُطْرِقٌ * حَياءً بتلكَ الأَعْظُمِ النَّخِراتِ

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015