ملتقي اهل اللغه (صفحة 5918)

* ودخل على عبد العزيز بن مروان رجلٌ يشكو صِهْرًا له؛ فقال: إنّ خَتَنِي فعل بي كذا وكذا. فقال له عبد العزيز: مَن خَتَنَكَ؟.فقال له: خَتَنَنِي الخَتّان الذي يَخْتِنُ النّاس. فقال عبد العزيز لكاتبه: وَيْحَكَ بما أجابني؟.فقال له: أيُّها الأمير إنّك لَحَنْتَ وهو لا يعرف اللَّحْنَ، كان ينبغي أن تقولَ له: ومَن خَتَنُكَ. فقال عبد العزيز: أراني أتكلّم بكلام لا يعرفه العرب، لا شاهدت النّاس حتّى أعرِفَ اللّحن. قال: فأقام في البيت جمعة لا يظهر، ومعه مَن يُعلِّمُه العربيّة. قال فصلّى بالنّاس الجمعة وهو من أفصح النّاس.

* وقال بعضُهم:ارتفعَ الى زيادٍ ابن أبيه رجلٌ وأخوه في ميراث، فقال: إنّ أبونا مات، وإنّ أخينا وثبَ على مال أبانا فأكله. فقال زياد: الّذي أضعتَ مِن لسانِك أضرُّ عليك ممّا أضاعه أخوك مِن مالِك. وأمّا القاضي فقال: فلا رَحِمَ اللهُ أباك، ولا تنحَّ عظم أخيك. قُمْ في لعنة الله.

أخبار متفرِّقة:

* وحكى العسكريّ في كتاب التّصحيف أنّه قيل لبعضهم: ما فعلَ أبوك بحمارِهِ؟.فقال: باعِهِ. فقيل له: لِمَ قلتَ باعِهِ؟. قال: فلِمَ قلتَ أنت: بحمارِهِ؟.فقال: أنا جَررتُهُ بالباء، فقال: فلِمَ تَجُرُّ باؤُكَ، وبائِي لا تَجُرّ؟!.

* ومثله من القياس الفاسد ما حكاه أبو بكر التّاريخي في كتاب " أخبار النّحويّين " أنّ رجلاً قال لِسَمَّاكٍ بالبصرة: بكم هذه السَّمَكَة؟.فقال: بدرهمان، فضحك الرجل. فقال السّمَّاكُ: أنت أحمق، سمعتُ سيبويه يقول: ثمنُها درهمان.

* وقلت يومًا: ترد الجملة الاسميّة الحاليّة بغير واٍو في فصيح الكلام خلافًا للزّمخشري، كقوله تعالى: (وَيَوْمَ القِيَامَةِ تَرَى الّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةً).فقال بعضُ مَن حضر: هذه الواو في أوِّلِها!.

* وقلتُ يومًا: الفقهاءُ يَلْحنون في قولِهم:" بايع " بغير همز. فقال قائلٌ: فقد قال الله تعالى: (فَبَايِعْهُنَّ).

* وقال رجلٌ للحسن:يا أبي سعيد!.فقال له: كسبُ الدّوانيق شغلك عن أن تقول: يا أبا سعيد.

* وسمع أعرابيٌّ رجلاً يقول: أشهدُ أنّ محمدا رسولَ اللهِ، بفتح (رسول)؛فتوهَّمَ أنّه نصبَه على النّعت؛ فقال: يفعلُ ماذا؟.

* وقال رجلٌ لآخر:ما شانَكَ؟.بالنّصب، وهو يريد شأنَك، فظنّ أنّه يسألُه عن شَيْنٍ به؛ فقال: عظمٌ في وجهي.

* وقال رجلٌ لأعرابيّ:كيف أهلِك بكسر اللّام، وهو يريد السّؤال عن أهلِه. فتوهَّمَ أنّه يسألُه عن كيفيّة هلاكِ نفسه؛ فقال: صلْبًا.

* وقيل لرجلٍ:من أين أقبلتَ؟.فقال: مِن عندِ أهلُونا. فحسده آخر حين سمعه، وظنّ ذلك فصاحةً؛ فقال: أنا أعلم من أين أخذها، من قوله [تعالى:] (شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا)؛فأضحكَ كلٌّ منهما من نفسه.

* وقال رجلٌ لأبي العَيْناء: أتأمرُ بشَيْأ؟.فقال: نعم، بتقوى الله، وحذف الألف مِن شَيْأ.

* وقال رجلٌ لآخر: ما اشتريتَ؟.قال: عسل. فقال: هلاَّ زدتَ في عسلِكَ ألف؟.فقال: وأنتَ هَلاَّ زدتَ في ألفِك ألفًا.

* ودخل الخليل [بن أحمد] على مريضٍ نحويّ، وعنده أخٌ له. فقال [الأخ] للمريض: اِفتحْ عيناكَ، وحرِّكْ شفتاكَ؛ إنّ أبو محمد جالسًا. فقال الخليل: أرى أنّ أكثر عِلَّة أخيك من كلامك!.

* وسمع الأعمشُ إنسانًا يلحنُ؛ فقال: مَن هذا الّذي يتكلّم، وقلبي منه يتألَّم.

ولنتبع هذه الأخبار الظِّراف بشذرات من كلام سلف هذه الأمة المباركة المرحومة،والّتي من شأنها أن تُبصِّرَ كلَّ مَن عَشا عن لغتِه؛ ليرفع لها رأسًا، فعلَّها تُذكي نيران الشّوق والمحبّة في نفسه وقلبه؛ فيقطع في سبيل تحصيلها السَّهْل والحَزْن؛ ف (مَن يعرفِ المطلوب يحقر ما بذل) و (مَن خطب الحسناءَ لم يُغلِهِ المهرُ).

- قال العبّاس للنّبيّ [صلّى الله عليه وسلّم]:ما الجمالُ في الرّجل يا رسولَ الله؟.قال: اللِّسان.

- وقال أيضا:جمالُ الرجلِ فصاحةُ لسانِه.

- وقال:أجملُ الجمالِ الفصاحة.

- وقال:تعلّموا العربيّةَ؛ فإنّ اللهَ مخاطبُكم بها يوم القيامة.

- قال عبد الملك بن مروان:اللَّحنُ هُجْنَةٌ على الشّريف، والعُجْبُ آفةُ الرّأي.

- وقيل لعبد الملك بن مروان:عَجِلَ عليك الشّيبُ يا أمير المؤمنين، فقال: كيف لا يعجل عليَّ، وأنا أعرضُ عقلي على النّاسِ في كلِّ جمعةٍ مرّة أو مرّتين. أو قال: شيّبني صعودُ المنابر، والخوف من اللَّحْن.

- وكان يقال:اللّحنُ في المنطقِ أقبحُ من آثار الجُدريّ في الوجه.

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015