أرى كلَّ يومٍ بالجَرائِدِ مَزْلَقاً * مِنَ القبرِ يُدْنينِي بغيرِ أَناة ِ
وأسمَعُ للكُتّابِ في مِصرَ ضَجّةً * فأعلَمُ أنّ الصَّائحِين نُعاتي
أَيهجُرنِي قومِي عفا الله عنهمُ * إلى لغةٍ لمْ تتّصلِ برُواة ِ
سَرَتْ لُوثَةُ الأَعجام فيها كمَا سَرَى * لُعابُ الأفاعي في مَسيلِ فُراتِ
فجاءَتْ كثَوْبٍ ضَمَّ سبعين رُقْعةً * مُشْكَلَة َ الأَلوانِ مُختلفاتِ
إلى مَعشَرِ الكُتّابِ والجَمعُ حافِلٌ * بَسَطْتُ رجائِي بَعدَ بَسْطِ شَكاتِي
فإمّا حَياة ٌ تبعثُ المَيْتَ في البِلى * وتُنبِتُ في تلك الرُّمُوسِ رُفاتي
وإمّا مَماتٌ لا قيامَة َ بَعدَهُ * مَماتٌ لَعَمْرِي لمْ يُقَسْ بمَماتِ
ولنُعَرِّجِ الآن إلى ذكر بعضٍ من مصنّفات أعلام اللّغة من السّلف والخلف في هذا الباب؛ حتّى يُعلمَ أنِّي مقتفٍ لأثرهم، وسائر فيما رسموه لنا من هديهم - رحمهم الله تعالى، وأعلى منارهم - فمنها:
1 - أدب الكاتب لابن قتيبة عبد الله بن مسلم.
2 - دُرَّة الغوّاص في أوهام الخواص للحريري القاسم بن عليّ.
3 - شرح دُرّة الغوّاص في أوهام الخواص للخفّاجي أحمد بن محمد.
4 - الشِّهاب الثّاقب في صناعة الكاتب لسعيد الشّرتوني.
5 - شفاء الغليل فيما في كلام العرب من الدّخيل للشّهاب الخفّاجي.
6 - تكملة إصلاح ما تغلط فيه العامّة لابن الجواليقي.
7 - استدراك الغلط الواقع في كتاب العين للزَّبيدي محمد بن حسن.
8 - مسائل الغلط لمحمد بن يزيد أبي العبّاس المبرّد.
9 - إصلاح المنطق لابن السِّكِّيت يعقوب بن إسحاق.
10 - إصلاح غلط المحدّثين للخطّابي حَمْد بن محمد.
11 - المزهر في علوم اللّغة وأنواعها للسّيوطي جلال الدّين.
12 - التّطريف في التّصحيف للسّيوطي.
13 - تصحيح التّصحيف وتحرير التّحريف للصّفدي صلاح الدّين.
14 - ما تلحن فيه العامّة لثعلب أحمد بن يحيى.
15 - ما تلحن فيه العامّة لأبي حاتم السّجستاني.
16 - ما تلحن فيه العامة للمفضل الضَّبِّي.
17 - تصحيفات المحدّثين للعسكري الحسن بن عبد الله.
18 - أخبار المُصَحِّفين للعسكريّ الحسن بن عبد الله.
19 - أدب الإملاء والاستملاء للسّمعاني عبد الكريم بن محمد.
20 - تهذيب الأسماء واللّغات للنّووي يحيى بن شرف.
21 - خير الكلام في التَّقَصِّي عن أغلاط العوام لابن بالي القسطنطيني.
22 - أخطاء ألفناها لنسيم نصر.
23 - تنبيهات على لغة الجرائد لإبراهيم بن ناصيف اليازجي.
24 - تنبيهات اليازجي على محيط البستاني.
25 - تذكرة الكاتب لأسعد خليل داغر.
26 - دفع الهُجنة في ارتضاخ اللُّكْنة لمحمد عليّ الدّسوقي.
27 - تطهير اللّغة من الأخطاء الشّائعة لمحجوب محمد موسى.
28 - تحقيقات لغويّة لناصر الدّين الأسد.
29 - الضّرائر وما يسوغ للشّاعر دون النّاثر لمحمود شكري الآلوسي.
30 - عثرات اللّسان لعبد القادر المغربي.
31 - نظرات في اللّغة والأدب لمصطفى الغلاييني.
32 - معجم الأخطاء الشّائعة لمحمد العدناني.
33 - معجم الأغلاط اللّغويّة المعاصرة لمحمد العدناني.
34 - معجم الخطأ والصّواب في اللّغة لإميل بديع يعقوب.
35 - قل ولا تقل لمصطفى جواد.
36 - المنذر لإبراهيم بن ميخائيل بن منذر.
37 - الكتابة الصّحيحة لزهدي جار الله.
38 - دقائق العربيّة لأمين آل ناصر الدّين.
وإلى جانب هذه المجموعة من المصنَّفات وغيرها ممّا أغفلته؛ يمكن إدراج المعجمات والقواميس؛ لاشتمالها على عدد كبير من تنبيهات مؤلِّفيها على الأغلاط، وتحذيراتهم من الأغلاط، والّتي لو أمكن جمعها في مصنَّفٍ لخرج كتابا قائما بنفسه، مُهِمًّا في بابه. ولعلّ اللهَ يُوفِّقُني لذلك، أو غيري من الأفاضل؛ فمعرفة الخطأ شيءٌ لا يقِلُّ أهمّية عن معرفة الصّواب. وهذا ينسحب على جميع الأشياء، سواءٌ تعلّقت بأمور الدّين أو الدّنيا. قال عزَّ مِن قائل: (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ)،وفي حديث حذيفة ابن اليمان رضي الله عنه قال: (كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ [صلّى الله عليه وسلّم] عَنْ الْخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي ...)،وقال أبو فراس الحمداني من الهزج:
عرفتُ الشّرَّ لا للشَّ * رِّ لكنْ لِتَوَقِّيهِ
ومَن لا يعرفِ الشّرَّ * من النّاس يقعْ فيهِ
ويُروَى في بعض مقالات المعاصرين: (ومَن لا يعرف الخيرَ من الشَّرِّ يقع فيه).
وبعد، فإنِّي أستقلُّ جهدي في هذا الموضوع بالغ الأهمِّيّة، وأراني خُضتُ غمار دربٍ قلَّ سالكوه، وعزَّ ناصحوه، هذا، وجرابُ علمي لا يفي بالمطلوب، ولا يُسعِفُ الغريب لبلوغ المأمول، ولولا أنّ هذا الطريق قد راضه قبلي من أعلام اللّغة مِن سلف هذه الأمّة؛ ما جرُؤتُ على ارتياده؛ فرحمةُ الله تترى على تلك الأرواح الطّيِّبة، والأنفس الزّكيَّة، ذوات الهِمَمِ العَلِيَّة، من كلِّ إمام فذٍّ، وقاضٍ عدل، من عجم وعرب.
أولائك أشياخي فجئني بمثلهم * إذا جمعتنا يا أُخَيُّ المجامع
وليس لي من أربٍ سوى أداء بعض ما هو منوط بعنقي من واجب الذّود عن هذه اللّغة الّتي شَرَّف اللهُ بها أهلها، حين جعلها ترجمان وحيه المقدَّس، ولسانَ رسوله صلّى الله عليه وسلّم الّذي أُوتِيَ جوامعَ الكَلِم.
والحمد لله ربّ العالمين
وكتب: محمد تبركان