ملتقي اهل اللغه (صفحة 5912)

الأجنبيَّة والتركيَّة التي يتمُّ تعريبُها، تستخدم فيها لهجة محليَّة للجهة التي تقوم بالترجمة، والصحافة المحلية في العديد من الدول العربية الآن تستخدم العامية الدارجة في الكتابة، مُطعمة بها اللغة الفصحى، وهو ما يبدو كأنه محاولة لتكوين لُغة بديلة في كلِّ قُطر من الأقطار العربية [13].

ولأجل توعية الجماهير بأهميَّة اللغة والعناية بها، والعمل على نَهضتها، كان هذا المقال من بابِ دَق جَرَس الخطر؛ ليُنَبِّه الغافلين ويوقِظ النامين، ويَشحذ الكسالَى، والله الموفِّق.

أولاً: مظاهر إهمال الاهتمام باللغة العربية:

1 - انتشار اللحن على ألسنة العامة والخاصة:

يقول الشيخ الفاضل علي الطنطاوي - رحمه الله -: "وقفتُ لأذكر كم أسمع كلَّ يومٍ من العبَث باللغة والنحو والصرف، لا من التلاميذ الصغار وحْدهم، ولا من الناشئة التي تُعْذَر - إذا لحَنَت - على لَحْنها؛ بل من السياسيين والمحامين والمدرِّسين؛ بل إني لأسمع اللحن من أفواه الأُدباء، وأقرؤوه في كُتبهم" [14].

2 - مهاجمة الفصحى والعمل على نشْر العاميَّة:

لقد نَسِي هؤلاء طواعية الفصحى ومُرونتها، وقُدرتها على أداء مطالب النفس الإنسانيَّة، وأن العامية مُفتقرة في مفرداتها، مضطربة في قواعدها وأساليبها، وهي مختلفة من بلدٍ إلى آخر [15].

3 - التهاون في تعريب العلوم التجريبية، كالطب والهندسة:

نجد كليَّات علميَّة تتَّخذ من اللغة الإنكليزية لُغة دراسة، معتمدة على عللٍ شتَّى، ترمي العربية بالتُّهم المتعددة، وهي إنْ تدبَّرناها، وجدَناها غير صحيحة [16].

وفي هذا يقول حافظ إبراهيم على لسان العربية:

وَسِعْتُ كِتَابَ اللهِ لَفْظًا وَغَايَةً http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وَمَا ضِقْتُ عَنْ آيٍ بِهِ وَعِظَاتِ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

فَكَيْفَ أَضِيقُ الْيَوْمَ عَنْ وَصْفِ آلَةٍ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وَتَنْسِيقِ أَسْمَاءٍ لِمُخْتَرَعَاتِ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

أَنَا الْبَحْرُ فِي أَحْشَائِهِ الدُّرُّ كَامِنٌ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

فَهَلْ سَأَلُوا الْغَوَّاصَ عَنْ صَدَفَاتِي http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

4 - كتابة عناوين المحلات التجارية باللهجة العاميَّة أو باللغة الإنكليزية:

فهذه الشوارع التجارية في ديار العروبة ومنازل الإسلام، يجدها الناظر مشحونة بالعناوين والأسامي واللغات، التي لا يُمكن بحال أن يرضاها أهلُ اللسان العربي؛ بل إنَّ طابع الاستفزاز يبدو عليه واضحًا [17].

5 - انتشار الألقاب والمصطلحات العلميَّة الغربية في دور التعليم دون إخضاعها للتعريب:

فهؤلاء الدارسون في ميدان التعليم يتلقون من ألْسِنة مُدَرِّسيهم - على كراسي التعليم وردْهات النوادي - ألفاظًا صارَت في مجال التعليم من المسلَّمات في الإصلاح، ولا تكاد تجد مُنكِرًا، مع انقطاع سنده عن ذاتيَّة الإسلام وأصالة العروبة [18].

ثانيًا: الأسباب:

1 - فكرة التعليم الكمِّي لا الكيفي، وخصوصًا بعد الحرب العالمية الثانية:

هذه الظاهرة التي بدأت بإجبار جميع السكان على دخول المدارس، دون الاستعداد الواعي لتكوين الكوادر التعليميَّة، انتهَت بجيش لا نهايةَ له من طالبي التعليم في جامعات غير مستعدة لاستقبال مِعْشار العدد، والنتيجة الحتميَّة لهذا التيار كانتْ تكوين جِيلٍ من أنصاف المتعلمين يعلِّم جيلاً من الجُهلاء [19].

2 - أنَّ الناشئ في مراحل دراسته الأولى يكون عاجزًا عن دفْع ما استحكمَ على لسانه من سلطان العاميَّة، ثم يتخرَّج من المرحلة الثانوية ولَم يُحَصِّل من فقه العربية إلاَّ غواشيَ مختلفة، لَم يقطفْ منها ثمرة ذات قيمة [20].

3 - الاهتمام بالعلوم الأخرى على حساب اللغة العربية:

لقد تخلَّينا عن أسلوبنا القديم الذي كنا نأخُذ به الطالب على الدراسة والتكوين، أو العلم والتحصيل، ثم أرهقناه بعد ذلك بعلوم لا حاجة إليها، ثم رُحنا إلى العلوم الضرورية له نلخِّصها في مذكرات مَبتورة لا تُسمن ولا تُغني من جوع، فلا هو استفادَ منها ولا من غيرها [21].

4 - الغفلة عن قيمة اللغة العربية وأهميَّتها:

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015