ملتقي اهل اللغه (صفحة 5913)

فهي لُغة القرآن والحديث والفكر الديني، فلا بد من إتقانها لفَهْم مصدر تشريعنا، وهي وسيلة التقارُب الفكري والأدبي بين الشعوب العربية، تُتيح لِمَن يصل منها إلى جديد - في أيِّ فنٍّ أو علْم - أن يَصِل لبقيَّة الشعوب في سهولة ويُسر، وهي من أغنى اللغات بالمفردات، ومن أقْدرها على الوضْع والاشتقاق، وعلى الاقتراض من اللغات الأخرى [22].

5 - الاستهانة باللغة العربية واعتبار العلمِ بها عيبًا، والعالم بها متخلِّفًا لا يجوز الاهتمام به [23].

6 - الإلحاح الدائم من وسائل الإعلام اليوميَّة على استخدام لُغة غريبة في ألفاظها وقواعدها، والمطابع والإذاعات تمضغ هذا الكلام وتَمجُّه على أسماع الناس وأبصارهم كلَّ لحظة [24].

ثالثًا: الآثار:

1 - عزْل كثير من المسلمين عن فَهْم الكتاب والسُّنة، بل والتراث الإسلامي؛ لأن اللغة هي الوسيلة للاطلاع على ذلك واستيعابه.

2 - الميْل الفكري نحو الثقافات الأخرى، وهذا بسبب الاهتمام باللغات الأخرى على حساب لغة الأُمة؛ لأن التحدُّث بلُغة قوم يُفضي إلى الميْل إليهم والتعايش معهم، إن لَم يوجد حصانة فكرية لِمَن يتحدَّث بها، ويقوى هذا الميْل عندما تكون هذه اللغة لأُمة أرقى وأقوى - في نظره - من أهْل لُغته [25].

3 - الغزو الفكري؛ وذلك لأجل إهمال اللغة العربية، ودراسة اللغات الأخرى؛ لأن مَن يَدرس لغةً لا بد أن يَدرس ثقافتها وتُراثها؛ "إنَّ الجيوش التي تتَّخذها الأُمم لنشْر سيطرتها وبَسْط سلطانها، تسبقها جيوش لغويَّة، تحمل هذه الجيوش لغة الأُمة الغازية وتبشِّر بأفكارها، وتُذيع مبادئها، وتَرسم شخصيَّتها، ولقد كانت هذه الجيوش اللغويَّة عظيمةَ الأثر في بثِّ أفكارها والدعوة إليها بين القوم الذين وفَدت إليهم، فقبل أن تَجيء الجيوش العسكرية استطاعَت جيوش اللغة الأجنبية أن تُهيِّئ لها أتباعًا وأنصارًا: يحملون فِكرها، ويدافعون عنها، ويدعون إليها فوق فَخْرهم بهذه اللغة، وميْلهم إلى أهلها" [26].

4 - أنَفَة الشباب من لُغتهم وآدابها، وزُهدهم فيها، ويتكوَّن لدى الطلاب عُقدة الإحساس المعمَّق بقصور لُغته عن تدريس العلوم الحديثة [27].

5 - انتشار البِدَع والمخالفات الشرعيَّة؛ لأجل ضَعف اللغة العربية عند المسلمين؛ "لأنَّ الجاهل بها جاهلٌ على طول الخطِّ، ولا يمكن لمتعثِّر فيها، أو بعيد منها، أو غريب عنها، أن يفهمَ قضيَّة في الفقه أو مسألة في الدِّين أو نظريَّة في الفلسفة، أو بُرهانًا في المنطق، أو بيتًا في الشعر" [28].

العلاج:

1 - نشْر الوعي لدى الأمة بأهميَّة اللغة، وأن العدوان عليها بصورة أو أخرى عدوانٌ على القرآن، وقضاءٌ على بقائه وطمْسٌ لمعالِمه [29].

2 - الاهتمام بتخريج المدرِّس الناجح، الذي يعشق لُغته، ويعمل على ترسيخها في أفئدة تلاميذه، ويطوِّع ألْسِنتهم على النُّطق الصحيح [30].

3 - العناية بالمناهج وحُسن اختيار ما يقدَّم للناشئين، بحيث لا يُقرَّر عليهم من القواعد والنصوص، إلاَّ ما يتوافَق مع أعمارهم، ويُمتع نفوسهم [31].

4 - العناية بغرْس محبَّة اللغة في نفوس أبنائنا، عن طريق تعويدهم على قراءة بعض أشعار الأطفال، والمقطوعات النثرية السهلة.

5 - الاهتمام بتعويد الأطفال على سماع اللغة العربية الفصحى، عن طريق تعويدهم على سماع الإذاعات الهادفة، مثل: راديو دال وبرامج الأطفال المدبلجة التي تبثُّها القنوات الإسلاميَّة الهادفة.

6 - إنشاء المجلات الأدبية التي ترغِّب الجماهير في العناية باللغة وآدابها، على غرار مجلة "الرسالة".

7 - إيجاد قاموس عربي عصري يتجدَّد كلَّ عام أو عدة أعوام، وتدخل فيها الكلمات الجديدة؛ كما يفعل علماء اللغة في كلِّ بلدٍ يعتزُّ بلُغته [32].

ومن خير ما أختم به مناشدة حافظ إبراهيم على لسان لُغتنا:

إِلَى مَعْشَرِ الكُتَّابِ وَالْجَمْعُ حَافِلٌ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

بَسَطْتُ رَجَائِي بَعْدَ بَسْطِ شَكَاتِي http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

فَإِمَّا حَيَاةٌ تَبْعَثُ الْمَيْتَ فِي البِلَى http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وَتُنْبِتُ فِي تِلْكَ الرُّمُوسِ رُفَاتِي http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

وَإِمَّا مَمَاتٌ لاَ قِيَامَةَ بَعْدَهُ http://www.alukah.net/Images/alukah30/space.gif

¥

طور بواسطة نورين ميديا © 2015